و «بالميم» : أخبر عن سلطانيته في إظهار الآيات.
و «الألف» : سرّ الذات ، و «اللام» : سرّ الصفات ، و «الميم» : سرّ القدم في ظهور الآيات. أما «سرّ الذات» : فلا ينكشف إلا بوحدانيّة الذات ، و «سر الصفات» : لا ينكشف إلا لمن اتخذ صفاته بالصفات ، و «سرّ القدم» : لا ينكشف إلا لمن خرج من الآيات.
تجلّى بالألف لأرواح الأنبياء من سرّ ذاته ، فأفتاها عن البشريات ، وكساها من أنوار الذات ، فخصائصهم في ذلك إظهار المعجزات ، وتجلّي باللّام لقلوب العارفين عن سرّ صفاته ، فأفناها عن الكدورات ، وألبسها من سناء الصفات ، فكرامتهم في ذلك ، إظهار الشطحيات ، وتجلّي بالميم لعقول الأولياء من سرّ قدمه ، فأفناها عن الشهوات ، وأنوارها صفاء القدرة بوسائط الآيات ، فشرفهم في ذلك ، إظهار الكرامات.
وقال جعفر الصادق : (الم) : رمز وإشارة بينه ، وبين حبيبه عليهالسلام أراد ألا يطّلع عليه أحد سواهما ، أخرجه بحروف بعيدة عن درك الأغيار ، وفهم السرّ بينهما لا غير.
وقال بعضهم : إن الله خصّ حبيبه صلىاللهعليهوسلم بهذه الأحرف ، والمتّقي الذي وصفه الله تعالى : هو الذي عزل عن الأكوان والحدثان ؛ تورّعا عن إغواء الشيطان ، وتخلّقا بخلق الرحمن.
وقال أبو يزيد : المتّقي من إذا قال ، قال : الله ، وإذا عمل ، عمل الله.
وقال الداراني : الذين نزع من قلوبهم حب الشهوات.
وقيل : المتّقي من اتّقى رؤية تقواه ، ولم يستند إلى تقواه ، ولم يرنجاته ؛ إلا بفضل مولاه.
وقال سهل : إذا كان هو الهادي ، فمن يضلّ في ذلك الطريق ؛ إلا من سلكه على التجارب لا على العارف ، فيصدّه عن مقصده بشؤم تدبيره ، ويهلكه ولو في آخر القدم.
(الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) : ما غاب عن الأبصار ، منكشفا بنعت الأنوار لعيون الأسرار.
و «الإيمان بالغيب» : هو تفرّس الروح بنور اليقين مشاهدة الحق سبحانه وتعالى ، و «الإيمان بالغيب» : شوق القلب إلى لقاء الرب.
وأيضا «الإيمان» : تصديق السر ما أبصرت الروح من مكنون حقائق الغيب بنعت مباشرة حلاوة انكشاف نور الحق في صميم سرّ السرّ ، واتصاله بروقة بطنان القلب ، وتعريفه أوصاف صفات الحق عقل الكلّ.
وأيضا «الإيمان» : تصديق القلب بوجدان الروح رؤية الرب جل وعلا ، و «المؤمنون» : هم الذين صدقوا مواعيد الغيوب بعد إدراكهم مواجيد قلوبهم من رؤيتها ، ومواجيد قلوبهم