تحجبنا بنا عليك إن نسيناك ، (أَوْ أَخْطَأْنا) بالتفاتنا إلى غيرك ، (وَاعْفُ عَنَّا) أي : اعف عنا قلة المعرفة بك ، (وَاغْفِرْ لَنا) التقصير في عبادتك ، (وَارْحَمْنا) بمواصلتك ومشاهدتك.
وقال ابن عطاء : (لا تُؤاخِذْنا) عند المصيبة واستر علينا في القيامة ولا تفضحنا بها على رءوس الأشهاد (فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) هذا نجوى أهل الامتحان من المكاشفين والمشاهدين أي : نحن أسراء معرفتك وضعفاء محبتك ، فارحمنا بتجلي العظمة حتى نقوى منك بك في محل العبودية وكشف الربوبية (فَانْصُرْنا) بمعونة المعرفة وجند حقائق الإلهام عن مشاعر الألوهية ، (عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) أي : على أوباش الطبيعة حتى يهزموا عن ميادين معارفك بتأييد معرفتك وتشريح من تشويشهم في صرف عبوديتك وطلب مشاهدة حضرتك.
سورة آل عمران
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(الم (١) اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (٢) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ (٣) مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (٤) إِنَّ اللهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ (٥) هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٦) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبابِ (٧))
(الم) الألف إشارة إلى قدس فردانيته وامتناعه عن التصاق الحدث بقدمه ، واللام إشارة إلى لطائف غيبه ، والميم إشارة إلى غرائب ملكوته مما أخفى عن أعين الخلائق من قوة عيون أوليائه وأنبيائه ، وأيضا الألف إشارة إلى أوليته ، واللام إشارة إلى جلاله وجماله ، والميم إشارة إلى محبته لأوليائه في القدم ، وقد جرت العادة بين الأحباب التخاطب بالحروف المفردات سترا على الأحوال ، وكتما للأسرار لئلا يطلع عليها أجنبي من هذه المعاني لغير هذه المباني.