العظمة ، لذلك بهتوا وتحيروا وسكتوا ، وعيسى عليهالسلام هناك أيضا معهم بقوله : (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ) ، وهو من الرسل ، فلمّا أفرده الحق للخطاب كان في مقام البسط والانبساط ومشاهدة الجمال ، لذلك تكلم وأجاب ولم يسكت.
قوله تعالى : (تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ) أي : تعلم ما في نفسي من توحيدك ومعرفتك وتنزيهك وتقديسك وتعظيمك وإجلالك الذي ينفي الأضداد والأشباه والأنداد ، ولا يليق بجلالك ممّا تخاطبني بقولك : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ) ، ولا أعلم ما في نفسك من علوم الغيب ، وغيب الغيب ومكر القدم ، وما يعلم ما في نفسك بأنك لو تريد أن تحرق جميع الأنبياء والصديقين لا يبالي بها.
وأيضا : (وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ) من كنه القدم ووجود الأزل.
قال الواسطي : يعلم ما في نفسي لك ، ولا أعلم ما في نفسك لي.
وقال الحسين : تعلم ما في نفسي لأنك أوجدتها ، ولا أعلم ما في نفسك لبعد الذات عن الإدراك.
قال الجنيد : تعلم ما أنا لك عليه وما لك عندي ، ولا أعلم ما لي عندك إلا ما أطلعتني عليه أو أخبرتني به.
وقال سهل : تعلم ما في نفسي ممّا أودعته نفسي ممّا لا تظهره عليّ ، ولا أعلم ما في غيبك لي.
قال علي بن موسى الرضا عن أبيه عن جعفر عليهمالسلام قال : تعلم كيفيتي ، ولا أعلم كيفيتك ولا كيفيته لك.
قوله تعالى : (ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ) أي : ما قلت لهم إلا ما أمرتني به ، أي : ما قلت لهم إلا بإفراد قدمك عن الحدوث ، وإسقاط الغير عن البين ، وهو قوله تعالى : (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ) أظهر عبوديته في عبوديتهم فردا للموحد المنزّه عن الأنداد والأشباه.
قوله تعالى : (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً) أي : في الدنيا في طاعتهم وعصيانهم وما كشفت لي من بعض سرائرهم.
وأيضا : أي كنت عليهم شهيدا ، (ما دُمْتُ) في مقام الرسالة وإبلاغ الوحي إليهم ، أما إذا أفنيت عن الأكوان من صولة مشاهدتك فغابت عني أخبار أهل الكون.
وتصديق ذلك قوله تعالى : (فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ) أي : كيف