(إِنَّ اللهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذلِكُمُ اللهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٩٥) فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٩٦) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٩٧))
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى) فلق حبة محبته الأزلية في قلوب المحبين والصديقين ، وفلق نوى شجر أنوار الأزل في فؤاد العارفين ، فتثمران أثمارهما بالأعمال الزكية والمقامات الشريفة ، والحالات الرفيعة ، قال تعالى : (أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ) [إبراهيم : ٢٤].
قال ابن عطاء : مظهر ما في حبة القلب من الإخلاص والرياء.
قوله تعالى : (فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً) فالق إصباح مشاهدته من مطالع قلوب أحبائه حين انتشر نورها من بشرة الربانيين من أوليائه وأصفيائه ، وجاعل الليل سكنا للمستأنسين بحلاوة خطابه ولذائذ كشف جماله.
قال بعضهم : فالق القلوب بشرح أنوار الغيوب.
وقال بعضهم : منور الأسرار بنور المعرفة.
قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) نوّر نجوم العقول لتعرفوا بها حقائق الآيات ، ونوّر نجوم القلوب لتعرفوا بها أنوار الصفات ، ونوّر نجوم الأرواح لتعرفوا بها لطائف سبحات الذات ، جعل نجوم الأفعال لعرفان الصفات ، وجعل نجوم الصفات لعرفان الذات ، أسرج مصباح قلوبكم من أنوار نجم تجلي الجلال والجمال لتهتدوا ، وتعرفوا ، وتسبحوا بها في ظلمات بحار القهر ، وظلمات براريه لتبلغوا إلى رؤية أقمار الصفات وشموس الذات ، وتنالوا جواهر المعارف من أصداف الكواشف.
قال أبو علي الجوزجاني : جعل الله الليل مطية ودليلا ، فالمطية تركبها في طلب الزلف ، والدليل تستدل به إلى أبواب الرضا ، قال الله : (لِتَهْتَدُوا بِها) إلى طريق الجنة.
(وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (٩٨) وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي