قال عليهالسلام : «تنام عيناي ولا ينام قلبي» (١) ، وقال : «أسألك لذّة النظر» (٢).
وصاحب اللذّة لا يكون له حرج.
(فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (٦) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَما كُنَّا غائِبِينَ (٧) وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٨) وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ (٩))
قوله تعالى : (فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) أي : يسأل عن الأمة فهم الخطاب وقبوله بشرط الحرمة واستعماله بوصف المتابعة ، ونسأل الرسل أداء الرسالة في صورة كلام على قدر عقول الخلق شفقة على الأمة.
قال أبو حفص : لنسألن الذين أرسل عليهم سؤال تعنيف وتعذيب ولنسألنّ المرسلين سؤال الشريف وتقريب قوله سبحانه وتعالى : (فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَما كُنَّا غائِبِينَ) (٣) أي : لتخبرنهم حال المشتاقين إلى لقائنا ، وشأن المدبرين عن ساحة كبريائنا.
وأيضا : لتخبرنهم ما جرى عليهم ، وهم كانوا لا يعرفون حقائقه من آثار القهريات واللطفيات والموجودات والمعدومات.
(وَما كُنَّا غائِبِينَ) عن شهود المشتاقين ، وزفرات العارفين ، وعبرات العاشقين ، وجفاء المتكبرين ، فإنا قد علمنا في القدم ما كان في العدم.
قال ابن عطاء في قوله : (فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ) : أي في حال عدمهم ووجودهم.
قوله تعالى : (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُ) للحق سبحانه وتعالى موازين يزن بها الأحوال والأعمال ، يزن بميزان الإخلاص المعاملات ، ويزن بميزان الصدق الحالات ، فكل عمل عمل برؤية الأعواض ورؤية العمل والالتفات فيه إلى غير الله ، فهو ساقط عن محل القبول ، وكل حالة صاحبها موجب بها فهي ساقطة عن درجة الوصول ، فالنيات موازين المعاملات والصدق ميزان الحالات ، فمن هاهنا يزن نفسه بميزان الرياضات والمجاهدات ، ويزن قلبه بميزان المراقبات ، ويزن عقله بميزان الاعتبارات ، ويزن روحه بميزان المقامات ، ويزن سرّه بميزان المحاضرات ومطالعه الغيبيات ، ويزن صوره بميزان المعاملات ، الذي كفتاه الحقيقة
__________________
(١) رواه البخاري (٣ / ١٣٠٨).
(٢) رواه النسائي (٣ / ٥٤).
(٣) أي : عنهم في حال من الأحوال فيخفى علينا شيء من أعمالهم وأحوالهم.