وقال الحسين : الحق أنطق الذر بالإيمان طوعا وكرها ، أنطقهم بركة الأخذ أخذهم عنهم وأنطقهم لا بهم ، بل أخذهم عنهم ، ثم أشهدهم حقيقة ، فأنطقت عنهم القدرة من غير شركة كانت لهم فيه.
قال النصر آبادي : في هذه الآيات موئل الأكبر ، وما ألف الأعظم معافون من السلالة والطين ، وما بعده من النطف والمضغ ، فأنتم في جملة أخذ الأول أو مردودون إلى معتاد الأخذ في السلالات والنطف ، فإن أخذ الأول أول بأول الأول ، وهو بأول الأول أول.
قال النصر آبادي : أخذ ربك تلطّفا وتكرّما ، بل أخذه إجلالا وعظمة ، بل أخذه عز واستغناء.
وقال أيضا : أخذ لا للحاجة بل للحجة ، فمنع الخلق حاجتهم أن يروا ذرة من معاني الحجة.
وقال : أخذ ربك من معدن إلى معدن ، ومن معدن لمعدن.
قال الجريري في قوله : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) (١) قال : تعرّف إلى كلّ طائفة من الطوائف ، وبما منحها من معرفته ، فقالت : بلى وكل أقر بما منح ، ثم أخرجهم من صلب آدم ، فقال الله : (كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ).
وقال لنبيّه : (لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [الأنفال : ٦٣].
وقال بعضهم : خاطب منصوب القدرة في عين القدم.
وسئل عبد الرحيم عن قوله : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ) قال : كانوا موجودين في القدرة ، مغيّبين في شهود الوجود.
وقال الواسطي في قوله : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) قال : هو تقرير في صورة السؤال.
وقال بعضهم : القدرة أجابت عن القدرة.
وقيل في قوله : (قالُوا بَلى) : سمعوا كلامه أن (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى : ١١] ، وخلق حياتهم من ذلك النور ، وجعل قوام جميعهم بتلك الكلمة ، وأنشد :
__________________
(١) سئل شخص من العارفين ، كأنّه ذو النون قدسسره عن علم الميثاق قوله : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) [الأعراف : ١٧٢] ، فقال : كأنّه في أذني الآن.
وآخر قال حين سئل عنه : سمعت سبعا من المواثيق.
وآخر قال : إنّه صدق في كليات المواثيق أنّها سبعة ، وأما جزئياتها فغير متناهية ، فأنا مؤمن بذلك كله.