التجلي ، لذلك قال صلىاللهعليهوسلم لعائشة ـ رضي الله عنها ـ : «كلميني يا حميراء» (١).
وفي أدنى العبارة هي كانت امتحانه ، لشغل بها عن الحق ، ليقع في فجّ البلاء بها.
قال بعضهم : خلقها ليسكن آدم إليها ، فلمّا سكن إليها ، غفل عن مخاطبات الحقيقة بسكونه إليها ، فوقع فيما وقع من تناول الشجرة.
قال الواسطى : أكبر محنة آدم عليهالسلام خلق حواء من بدنه ، قطعه بها عن نفسه ، بقوله : (لِيَسْكُنَ إِلَيْها) ، والسكون إلى غير الله محنة.
(إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (١٩٦) وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (١٩٧) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (١٩٨))
قوله تعالى : (إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) : أثبت محبّة الأزلية ، ورعاية الأبدية لحبيبه عليهالسلام في هذه الآية تولاه بعين الأزل ، ورعاه بكفاية الأبدية ، ونزل عليه من بحار خطابه قطرات وابل جواهر كلامه الأبدىّ الأزلىّ ، وبيّن أنه تعالى كما ألحق إلى نفسه تولية حبيبه ، فأيضا ألحق إلى نفسه تولية الصدّيقين ، ومحافظته للعارفين ، يتولى الأنبياء بنقاب أنوار الذات ، ويتولى الأولياء بسجوف أنوار الصفات ، ويتولى العالمين بقوام أنوار الأفعال.
فالعموم في نور الآيات معصومون عن الزلّات ، والخصوص في نور الصفات معصومون عن الخطرات ، وخصوص الخصوص في أنوار الذات معصومون عن المكر والقهريات.
قال بعضهم : لاحظ الأولياء بعين اللطف ، ولاحظ العباد بعين البر ، ولاحظ الأنبياء بعين التولي.
قيل في قوله : (يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) : عن دعوته البشرية تولّيا ، وأصلح الخواص بصحة المقصود ، والإفراد بالإخلاص للمعبود ، وأصلح العوام بصحة الأوقات.
وسئل جعفر عن الحكمة في قوله : (وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) ، ونحن نعلم أنه يتولى العالمين.
فقال : التولية على وجهين : تولية إقامة أبدا ، وتولية عناية ورعاية الإقامة الحق.
وقال الواسطي : يتولى الصالحين بالكفاية ، ويتولى الفاسقين بالغواية.
__________________
(١) ذكره حقي في تفسيره (٦ / ٣٨).