(وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (١٩٦) الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ (١٩٧) لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (١٩٨) ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٩٩) فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ (٢٠٠))
أوجب الحق سبحانه على قدر أهل الحقيقة إتمام مقاصدهم إلى بساط القربة بأن يتجردوا عن الكائنات في توجههم إلى مزار القدم ، وأن يخرجوا من الحوادث بنعت التفريد والتجريد طلبا بفنائهم بقاءه في تحقيق التوحيد ، وأن يغتسلوا من شوائب البشرية ، وأوساخ الطبيعة في أنهار المعرفة ، وأن يلبسوا إحرام العبودية لقصدهم عرفان الربوبية ، ويتموا إجابة الحق بأدائهم ما افترض عليهم من بذل النفوس في العبودية والأرواح في سلطة الربوبية ، لتقترن إجابة الظاهر بإجابة الباطن ؛ لأنهم أجابوا الحق في بدء أمرهم ؛ إذ قالوا : بلى ، فيستدعي الله عنهم إتمام ميثاق الأول ، ويذكرهم عهد الأول من تعريف نفسه إليهم ليتأهبوا في أمر الظاهر إتمام حقيقة الإجابة ، بأن يقولوا : لبيك ، فالحج لأهل التمكين ، والعمرة لأهل التلوين ، وإتمام الحج البلوغ إلى رؤية الربوبية ، وإتمام العمرة الوصول إلى حقيقة العبودية. قوله : (اللهِ) أي : اصبروا في إتمامها لله حتى تجدوا مأمولكم في الله.
(فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ) أي : إن منعتم أوصاف البشرية عن الطيران في هواء الحقيقة ، وحبستكم حجب الابتلاء في أشجار الطبيعة ، فلا تميلوا عن حقيقة الطريقة ، والشروع في طلب المشاهدة ، وابذلوا أنفسكم هديا لله ليرشدكم لشفقته عليكم إلى أوطان المشاهدات ، ويبلغكم حقيقة القربات ، وأيضا فإن حبستكم غيرة الحق عن الوصول إليه لسبب ما ، فتحللوا من قتل