وأفعال ، (وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً) أى : وأحصى كل شيء في هذا الكون إحصاء تاما ، وعلما كاملا.
قال الشوكانى : قوله : (لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ ...) اللام متعلقة بيسلك ، والمراد به العلم المتعلق بالإبلاغ الموجود بالفعل ، و «أن» هي المخففة من الثقيلة ، واسمها ضمير الشأن ، والخبر الجملة ، والرسالات عبارة عن الغيب الذي أريد إظهاره لمن ارتضاه الله من رسول ...
وقال قتادة : ليعلم محمد أن الرسل قبله قد أبلغوا الرسالة كما بلغ هو ، وفيه حذف تتعلق به اللام ، أى : أخبرناه صلىاللهعليهوسلم بحفظنا الوحى ، ليعلم أن الرسل قبله كانوا على حالته من التبليغ بالحق والصدق.
وقيل : ليعلم الرسل أن الملائكة قد بلغوا رسالات ربهم ... (١).
ويبدو لنا أن عودة الضمير في «ليعلم» إلى الله ـ تعالى ـ هو الأظهر ، أى : ليعلم الله ـ تعالى ـ أن رسله قد أبلغوا رسالاته علم مشاهدة كما علمه غيبا ، لأن علم الله بذلك لا يكون إلا على وفق ما وقع ...
وهكذا ساقت لنا سورة «الجن» الكثير من الحقائق التي تتعلق بإصلاح العقائد والأخلاق والسلوك والأفكار التي طغى كثير منها على العقول والأفهام ...
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
|
الراجي عفو ربه د. محمد سيد طنطاوى |
__________________
(١) تفسير فتح القدير ج ٥ ص ٣١٣ للشوكانى.