قال ـ تعالى ـ : (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ ...).
وقوله : (لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ) صفة ثالثة من صفات سقر.
ومعنى : (لَوَّاحَةٌ) مغيّرة للبشرات. مسوّدة للوجوه ، صيغة مبالغة من اللّوح بمعنى تغيير الشيء يقال : فلان لوّحته الشمس ، إذا سوّدت ظاهره وأطرافه. والبشر : جمع بشرة وهي ظاهر الجلد.
أى : أن هذه النار من صفاتها ـ أيضا ـ أنها تغير ألوان الجلود ، فتجعلها مسودة بعد أن كانت على غير هذا اللون ، وأنها تنزل بالأجساد من الآلام ما لا يعلمه إلا الله ـ تعالى ـ.
وقوله ـ تعالى ـ : (عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ) صفة رابعة من صفات سقر. أى : على هذه النار تسعة عشر ملكا ، يتولون أمرها ، وينفذون ما يكلفهم الله ـ تعالى ـ في شأنها.
قال القرطبي : قوله ـ تعالى ـ (عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ) أى : على سقر تسعة عشر من الملائكة ، يلقون فيها أهلها. ثم قيل : على جملة النار تسعة عشر من الملائكة هم خزنتها. مالك وثمانية عشر ملكا.
ويحتمل أن يكون التسعة عشر نقيبا. ويحتمل أن يكون تسعة عشر ملكا بأعيانهم ، وعلى هذا أكثر المفسرين .. (١).
ثم بين ـ سبحانه ـ بعد ذلك جانبا من مظاهر قدرته وحكمته ، وابتلائه لعباده بشتى أنواع الابتلاء ، ليتميز قوى الإيمان من ضعيفه.
فقال ـ تعالى ـ :
(وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلاَّ مَلائِكَةً وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَما هِيَ إِلاَّ ذِكْرى لِلْبَشَرِ (٣١) كَلاَّ
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ١٩ ص ٧٩.