وجواب (فَإِذَا) وما عطف عليها في قوله (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ) محذوف ، والتقدير : وقع ما وعدناكم به وهو يوم القيامة.
وقوله : (لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ. لِيَوْمِ الْفَصْلِ. وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ. وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) تعليل لبلوغ الرسل الى الوقت الذي كانوا ينتظرونه لأخذ حقوقهم من أقوامهم الظالمين ، والاستفهام للتهويل والتعظيم من شأن هذا اليوم. (١)
أى : لأى يوم أخرت الأمور التي كانت متعلقة بالرسل؟ من تعذيب الكافرين ، وإثابة المتقين .. إنها أخرت وأجلت ، ليوم الفصل ، وهو يوم القيامة ، الذي يفصل الله ـ تعالى ـ فيه بقضائه العادل بين العباد.
(وَما أَدْراكَ) ، ـ أيها المخاطب ـ (ما يَوْمُ الْفَصْلِ)؟ إنه يوم هائل شديد ، لا تحيط العبارة بكنهه ، ولا يعلم إلا الله ـ تعالى ـ وحده مقدار أهواله.
ويقال في هذا اليوم لكل فاسق عن أمر ربه ، ومشرك معه في العبادة غيره ، (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) أى : هلاك وحسرة في هذا اليوم للمكذبين بالحق الذي جاء به الرسل ، وبلغوه إلى أقوامهم.
وقد تكررت هذه الآية عشر مرات في تلك السورة الكريمة ، على سبيل الوعيد والتهديد لهؤلاء المكذبين لرسلهم ، والجاحدين لنعم خالقهم ، والويل : أشد السوء والشر ، وهو في الأصل مصدر بمعنى الهلاك ، وكان حقه النصب بفعل من لفظه أو معناه ، إلا أنه رفع على الابتداء ، للدلالة على ثبات الهلاك ودوامه للمدعو عليه.
وقوله (يَوْمَئِذٍ) ظرف للويل أو صفة له ، ولذا صح الابتداء به.
ثم ساقت السورة الكريمة بعد ذلك ألوانا من الأدلة على وحدانية الله ـ تعالى ـ وقدرته ، كإهلاك المكذبين السابقين ، وخلق الأولين والآخرين ، والإنعام على الناس بالجبال والأنهار ..
قال ـ تعالى ـ :
(أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (١٦) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (١٧) كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (١٨) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٩)
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ٢٩ ص ١٧٢.