ببيان أن هذا القرآن من عنده ـ تعالى ـ وأن الرسول صلىاللهعليهوسلم صادق فيما يبلغه عن ربه ، فقال :
(فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوارِ الْكُنَّسِ (١٦) وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ (١٧) وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ (١٨) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (٢٠) مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (٢١) وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (٢٢) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (٢٣) وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (٢٤) وَما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ (٢٥) فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (٢٦) إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (٢٧) لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (٢٨) وَما تَشاؤُنَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ)(٢٩)
والفاء في قوله ـ تعالى ـ : (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ ..) للتفريع على ما تقدم من تحقيق وقوع البعث ، وهي تعطى ـ أيضا ـ معنى الإفصاح ، و «لا» مزيدة لتأكيد القسم ، وجواب القسم قوله ـ تعالى ـ (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ).
و (بِالْخُنَّسِ) ـ بزنة ركّع ـ جمع خانس ، والخنوس : الاستخفاء والاستتار ، يقال : خنست الظبية والبقرة ، إذا اختفت في بيتها.
و (الْجَوارِ) جمع جارية ، وهي التي تجرى بسرعة ، من الجري بمعنى الإسراع في السير.
و (الْكُنَّسِ) جمع كانس. يقال : كنس الظبى ، إذا دخل كناسه ـ بكسر الكاف ـ وهو البيت الذي يتخذه للمبيت ، وسمى بذلك لأنه يتخذه من أغصان الأشجار ، ويكنس الرمل إليه حتى يكون مختفيا عن الأعين.
وهذه الصفات ، المراد بها النجوم ، لأنها بالنهار تكون مختفية عن الأنظار ، ولا تظهر إلا بالليل ، فشبهت بالظباء التي تختفى في بيوتها ولا تظهر إلا في أوقات معينة.
أى : إذا كان الأمر كما ذكرت لكم من أن البعث حق ... فأقسم بالنجوم التي تخنس