ولقد استجاب النبي صلىاللهعليهوسلم لما أمره ربه به ، فأكرم اليتامى ورعاهم ، وحض على ذلك في أحاديث كثيرة منها قوله صلىاللهعليهوسلم : «أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة» وأشار صلىاللهعليهوسلم بإصبعيه السبابة والوسطى.
ومن الآيات القرآنية التي وردت في هذا المعنى قوله ـ تعالى ـ : (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ...).
وقد تكرر الأمر برعاية اليتيم ، وبالمحافظة على ماله في مطلع سورة النساء خمس مرات قال ـ تعالى ـ : (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ ...) وقال ـ سبحانه ـ : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ ، مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ ...) وقال ـ عزوجل ـ : (وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ ..) ، وقال سبحانه ـ : (وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ) وقال ـ تعالى ـ : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً ..).
وقوله ـ سبحانه ـ : (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ) معطوف على ما قبله. أى : وكما أننا قد هديناك بعد حيرة .. فاشكر نعمنا على ذلك ، بأن تفتح صدرك للسائل الذي يسألك العون ، أو يسألك معرفة ما يجهله من علم. فالمراد بالسائل ، ما يشمل كل سائل عن مال ، أو عن علم ، أو عن غير ذلك من شئون الحياة.
قال القرطبي : قوله : (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ) أى : لا تزجره ، فهو نهى عن إغلاظ القول .. وروى عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «ردوا السائل ببذل يسير ، أو رد جميل ..».
وفي حديث أبى هارون العبدى قال : كنا إذا أتينا أبا سعيد الخدري يقول : مرحبا بوصية رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، إن رسول الله قال : «إن الناس لكم تبع ، وإن رجالا يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون ، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا ...» (١).
وقوله ـ تعالى ـ : (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) والتحديث بالشيء : الإخبار به ، والحديث عنه ، أى : وكما كنت عائلا فأغنيناك بفضلنا وإحساننا ، فاشكرنا على ذلك ، بأن تظهر نعمنا عليك ولا تسترها ، وأذعها بين الناس ، وأمر أتباعك أن يفعلوا ذلك ، ولكن بدون تفاخر أو مباهاة ... فإن ذكر النعم على سبيل الرياء والتفاخر والتطاول على الغير ... يبغضه الله ـ تعالى ـ ، ويعاقب صاحبه عقابا أليما.
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ٢٠ ص ١٠١.