وخاطئة : اسم فاعل من خطئ فلان ـ كعلم ـ فهو خاطئ وهو الذي يأتى الذنب متعمدا ، ووصفت الناصية بأنها خاطئة مبالغة في تعمد هذا الإنسان لارتكاب المنكر ، على حد قولهم : نهار صائم ، أى : صائم صاحبه ، ولأن الناصية هي مظهر الغرور والكبرياء.
أى : لئن لم ينته هذا الفاجر المغرور عن كفره ... لنذلنه إذلالا شديدا ... ولنسحبنه إلى النار من ناصيته التي طالما كذبت بالحق ، وتعمدت ارتكاب المنكر ...
وقوله ـ سبحانه ـ : (فَلْيَدْعُ نادِيَهُ) رد على غروره وتفاخره بعشيرته ، فقد جاء في الحديث الشريف أن أبا جهل عند ما نهى النبي صلىاللهعليهوسلم عن الصلاة ، نهره النبي صلىاللهعليهوسلم وزجره وأغلظ له القول ... فقال أبو جهل : أتهددني يا محمد وأنا أكثر هذا الوادي ناديا ، فأنزل الله ـ سبحانه ـ : (فَلْيَدْعُ نادِيَهُ. سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ).
وأصل النادي : المكان الذي يجتمع فيه الناس للحديث ، ولا يسمى المكان بهذا الاسم إلا إذا كان معدا لهذا الغرض ، ومنه دار الندوة ، وهي دار كان أهل مكة يجتمعون فيها للتشاور في مختلف أمورهم ، وسمى بذلك لأن الناس يندون إليه ، أى : يذهبون إليه ، أو ينتدون فيه ، أى : يجتمعون للحديث فيه. يقال : ندا القوم ندوا ـ من باب غزا ـ إذا اجتمعوا.
والأمر في قوله ـ تعالى ـ : (فَلْيَدْعُ) للتعجيز ، والكلام على حذف مضاف. أى : فليدع هذا الشقي المغرور أهله وعشيرته لإيذاء النبي صلىاللهعليهوسلم ، ولمنعه من الصلاة ، إن قدروا على ذلك ، فنحن من جانبنا سندع الزبانية ، وهم الملائكة الغلاظ الموكلون بعقاب هذا المغرور وأمثاله.
ولفظ الزبانية في كلام العرب : يطلق على رجال الشرطة الذين يزبنون الناس ، أى : يدفعونهم إلى ما يريدون دفعهم إليه بقوة وشدة وغلظة ، جمع زبنيّة ، وأصل اشتقاقه من الزّبن ، وهو الدفع الشديد ، ومنه قولهم : حرب زبون ، إذا اشتد الدفع والقتال فيها ، وناقة زبون إذا كانت تركل من يحلبها.
والمقصود بهاتين الآيتين ، التهكم بهذا الإنسان المغرور ، والاستخفاف به وبكل من يستنجد به ، ووعيده بأنه إن استمر في غروره ونهيه عن الصلاة فسيسلط الله ـ تعالى ـ عليه ملائكة غلاظا شدادا. لا قبل له ولا لقومه بهم.
وقوله ـ تعالى ـ : (كَلَّا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ) ردع آخر لهذا الكافر عن الغرور والبطر والطغيان ، وإبطال لدعواه أنه سيدع أهل ناديه ، وتأكيد لعجزه عن منع الرسول صلىاللهعليهوسلم عن الصلاة.
أى : كلا ليس الأمر كما قال هذا المغرور من أن أهله وعشيرته سينصرونه ، وسيقفون إلى