الصحيح ، لأنهم لو كانوا كذلك لما تفاخروا ، ولما تكاثروا.
وقوله ـ سبحانه ـ : (لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ) جواب قسم مقدر ، قصد به تأكيد الوعيد الشديد في التهديد ، وبيان أن المهدد به رؤية الجحيم في الآخرة ، أى : والله لترون الجحيم في الآخرة.
ثم أكد ـ سبحانه ـ هذا المعنى تأكيدا قويا فقال : (ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ) أى : ثم لترون الجحيم رؤية هي ذات اليقين ونفسه وعينه ، وذلك بأن تشاهدوها مشاهدة حقيقية ، بحيث لا يلتبس عليكم أمرها.
وقد قالوا إن مراتب العلم ثلاثة : علم اليقين وهو ما كان ناتجا عن الأدلة والبراهين.
وعين اليقين : وهو ما كان عن مشاهدة وانكشاف.
وحق اليقين : وهو ما كان عن ملابسة ومخالطة.
ومثال ذلك أن تعلم بالأدلة أن الكعبة موجودة ، فذلك علم اليقين ، فإذا رأيتها بعينيك فذلك عين اليقين ، فإذا ما دخلت في جوفها فذلك حق اليقين ...
فأنت ترى أنه ـ سبحانه ـ قد حذر الناس من الاشتغال عن طاعته ، ومن التباهي والتكاثر ، بأبلغ أساليب التأكيد وأقواها.
ثم ختم ـ سبحانه ـ السورة بقوله : (ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) ، والمراد بالنعيم هنا : ما يتنعم به الإنسان خلال حياته الدنيوية من مال وولد ، ومن طعام وشراب ، ومن متعة وشهوة ... من النعومة التي هي ضد الخشونة.
أى : ثم إنكم بعد ذلك ـ أيها الناس ـ والله لتسألن يوم القيامة عن ألوان النعم التي منحكم الله ـ تعالى ـ إياها ، فمن أدى ما يجب عليه نحوها من شكر الله ـ تعالى ـ عليها كان من السعداء ، ومن جحدها وغمطها وشغلته عن طاعة ربه ، وتباهي وتفاخر بها ... كان من الأشقياء ، كما قال ـ تعالى ـ : (وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ).
فالمراد بالسؤال إنما هو سؤال التكريم والتبشير للمؤمنين الشاكرين ، وسؤال الإهانة والتوبيخ للفاسقين الجاحدين.
والآية الكريمة دعوة حارة للناس ، إلى شكر نعمه ـ تعالى ـ واستعمالها فيما خلقت له.
قال القرطبي ما ملخصه : والسؤال يكون للمؤمن والكافر ... والجمع بين الأخبار التي