وقوله ـ سبحانه ـ : (فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) زيادة في تبشيع صورتها ، وتحقير هيئتها.
والجيد : العنق ، والمسد : الليف المتين الذي فتل بشدة ، يقال : حبل ممسود ، أى مفتول فتلا قويا.
والمعنى : سيصلى أبو لهب نارا شديدة ، وستصلى معه امرأته التي تضع الشوك في طريق النبي صلىاللهعليهوسلم هذه النار المشتعلة ـ أيضا ـ ، وسيزيد الله ـ تعالى ـ في إذلالها وتحقيرها ، بأن يأمر ملائكته بأن تضع في عنقها حبلا مفتولا فتلا قويا ، على سبيل الإذلال والإهانة لها ، لأنها كانت في الدنيا تزعم أنها من بنات الأشراف الأكابر.
روى عن سعيد بن المسيب أنه قال : كان لها قلادة ثمينة فقالت : لأبيعنها ولأنفقن ثمنها في عداوة محمد صلىاللهعليهوسلم فأبدلها الله عنها حبلا في جيدها من مسد النار.
والذي يتأمل هذه السورة الكريمة ، يراها قد اشتملت على أوضح الأدلة وأبلغ المعجزات الدالة على صدق النبي صلىاللهعليهوسلم فيما يبلغه عن ربه ، فإن الله ـ تعالى ـ قد أخبر بشقاء أبى لهب وامرأته. وأنهما سيصليان نارا ذات لهب ... وقد علما بما جاء في هذه السورة من عقاب الله لهما ... ومع ذلك فقد بقيا على كفرهما حتى فارقا الحياة ، دون أن ينطقا بكلمة التوحيد ، ولو في الظاهر ـ فثبت أن هذا القرآن من عند الله ، وأن الرسول صلىاللهعليهوسلم صادق فيما يبلغه عن ربه ـ عزوجل ـ.
نسأل الله ـ تعالى ـ أن يلحقنا بعباده الصالحين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.