ولفظ القارعة ، من أسماء يوم القيامة ، وسمى يوم القيامة بذلك ، لأنه يقرع القلوب ويزجرها لشدة أهواله : وهو صفة لموصوف محذوف ، أى : بالساعة القارعة.
والطاغية من الطغيان وهو تجاوز الحد ، والمراد بها هنا الصاعقة أو الصيحة التي أهلكت قوم ثمود ، كما قال ـ تعالى ـ : (وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ) (١).
ولفظ الطاغية ـ أيضا ـ صفة لموصوف محذوف.
والريح الصرصر العاتية : هي الريح الشديدة التي يكون لها صوت كالصرير ، كما قال ـ تعالى ـ : (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ) (٢).
والعاتية من العتو بمعنى الشدة والقوة وتجاوز الحد.
أى : كذبت قبيلة ثمود ، وقبيلة عاد ، بالقيامة التي تقرع القلوب ، وتزلزل النفوس ، فأما قبيلة «ثمود» فأهلكوا ، بالصيحة أو بالصاعقة ، أو بالرجفة ، التي تجاوزت الحد في الشدة والهول والطغيان.
وأما قبيلة عاد ، فأهلكت بالريح الشديدة ، التي لها صوت عظيم ، والتي تجاوزت كل حد في قوتها.
وابتدأ ـ سبحانه ـ بذكر ما أصاب هاتين القبيلتين ، لأنهما أكثر القبائل المكذبة معرفة لمشركي قريش ، لأنهما من القبائل العربية ، ومساكنهما كانت في شمال وجنوب الجزيرة العربية.
ثم بين ـ سبحانه ـ كيفية نزول العذاب بهم فقال : (سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ ، وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً).
والتسخير : التذليل عن طريق القهر والأمر الذي لا يمكن مخالفته.
وحسوما : من الحسم بمعنى التتابع ، من حسمت الدابة ، إذا تابعت كيها على الداء مرة بعد مرة حتى ينحسم .. أو من الحسم بمعنى القطع ، ومنه سمى السيف حساما لأنه يقطع الرءوس ، وينهى الحياة.
قال صاحب الكشاف : «والحسوم» : لا يخلو من أن يكون جمع حاسم ، كشهود وقعود. أو
__________________
(١) سورة هود الآية ٦٧.
(٢) سورة فصلت الآية ١٦.