قوله ـ تعالى ـ : (وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ). (وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ).
والخطاب في الآيات الكريمة ، لكل من يصلح له ، لأن المقصود تنبيه الناس إلى أن الساعة حق. وأن الحساب والجزاء فيها حق ، لكي يستعدوا لها بالإيمان والعمل الصالح.
قال بعض العلماء ما ملخصه : واستعمال «ما أدراك» غير استعمال «ما يدريك» .. فقد روى عن ابن عباس أنه قال : كل شيء من القرآن من قوله (ما أَدْراكَ) فقد أدراه ، وكل شيء من قوله : (وَما يُدْرِيكَ) فقد طوى عنه.
فإن صح هذا عنه فمراده أن مفعول «ما أدراك» محقق الوقوع ، لأن الاستفهام فيه للتهويل وأن مفعول «ما يدريك» غير محقق الوقوع لأن الاستفهام فيه للإنكار ، وهو في معنى نفى الدراية.
قال ـ تعالى ـ : (وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ. نارٌ حامِيَةٌ) وقال ـ سبحانه ـ (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ) (١).
ثم فصل ـ سبحانه ـ أحوال بعض الذين كذبوا بالساعة ، وبين ما ترتب على تكذيبهم من عذاب أليم فقال : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ. فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ. وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ).
وثمود : هم قوم صالح ـ عليهالسلام ـ ، سموا بذلك باسم جدهم ثمود. وقيل سموا بذلك لقلة المياه التي كانت في مساكنهم ، لأن الثمد هو الماء القليل.
وكانت مساكنهم بين الحجاز والشام. وما زالت أماكنهم معروفة باسم قرى صالح وتقع بين المملكة الأردنية الهاشمية ، والمملكة العربية السعودية.
وقد ذكرت قصتهم في سور : الأعراف ، وهود ، والشعراء ، والنمل ، والقمر ... إلخ.
وأما عاد فهم قبيلة عاد ، وسموا بذلك نسبة إلى جدهم الذي كان يسمى بهذا الاسم ، وكانت مساكنهم بالأحقاف باليمن ـ والأحقاف جمع حقف وهو الرمل الكثير المائل ... وينتهى نسب عاد وثمود إلى نوح ـ عليهالسلام ـ.
والقارعة : اسم فاعل من قرعه ، إذا ضربه ضربا شديدا ، ومنه قوارع الدهر ، أى : شدائده وأهواله ، ويقال : قرع فلان البعير ، إذا ضربه ومنه قولهم : العبد يقرع بالعصا.
__________________
(١) تفسير التحرير والتنوير ج ٢٩ ص ١١٤ للشيخ ابن عاشور.