الإيمان والعمل الصالح :
وقال فى صفحة (١٧٩) تحت عنوان : الإيمان والعمل الصالح ، بعد كلامه ما نصه : فكل من آمن وعمل صالحا فى هذه الدنيا فله أجره عند ربه ، سواء فى ذلك المسلم ، أو المسيحى ، أو اليهودى ، أو المتدين بأى دين من الأديان ، (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).
قلنا فيما تقدم عند ردنا عليه فى قوله : الإسلام يؤاخى بين الديان ، ما نصه : فإن أراد الكاتب بتآخى الإسلام مع بقية الأديان الأخرى ، هذا الذى أوضحناه ، فهو صحيح ، وإن أراد غير ذلك بأن أراد أن ما فى الأديان الأخرى من تشريع يخالف تشريع القرآن صحيح يتعبد به ، وينال به عند الله تعالى الثواب الجزيل ، والنعيم الدائم ، وأن من صلى من أهل الديانات الأخرى وصام وحج على وفق ما جاء فى شريعته يساوى ويعادل من صلى وصام وحج على وفق شريعة القرآن ، وأن كلا منهما يرضى عنه الله فى دار البقاء ، فهذا كفر صريح لا شبهة فيه.
أما هنا وفى هذا الموضع ، فقد انكشف لنا الغطاء عما يقول الكاتب من أن الإسلام يؤاخى بين الأديان ، وأنه لا يقصد بتآخى الإسلام مع بقية الأديان إلا هذا الذى يصرح به هنا من أن كل من عمل صالحا على أى دين ، فله أجره عند ربه ، وقد تأيد هذا بما ذكره الكاتب فى مقدمة الطبعة الأولى فى كتابه هذا ، فقال فى صفحتى (١٣ و ١٤) تحت عنوان : المادية هى الخطر المشترك ، ما نصه : وعلى أية حال ، فقد حان الوقت ليدرك كل صاحب عقيدة دينية أيا كان موضعها ومحورها ، أن الخطر الذى أصبح يهدد عقيدته ليس ما يقول به دين آخر. إلى أن قال : وإنما الخطر الذى أوشك أن يهدد العقائد ويقتلعها من جذورها هو هذه المادية الطاغية الجارفة المسعورة.
فهو يرى أن الأديان كلها متآخية ، وأن أصحابها ناجون ، يرضى الله عنهم جميعا دون الماديين الذين استهوتهم المادة وغلبهم حبها ، وتغلغل هذا الرأى فى نفس الكاتب إلى حد أنه رسم على غلاف كتابه ما ينبئ عن هذا التآخى ويشير إليه ، فقد رسم على الغلاف مئذنة وصليبا بجانبها ، وبجانب الصليب من فوق رسم شمسا ، وبجانب الصليب من أسفل رسم نجمة ، وبين الشمس والنجمة فى محازاة الصليب وبجانبه رسم شخصا فرعونيا ، يعنى فهو يدعو إلى الفكرة قولا ، وكتابة ، ورسما ، وتصويرا ، وتفسير هذا