الرسم على حسب ما جاء فى كلامه الذى ذكرناه قريبا أن الرجل الفرعونى والشمس رمزان إلى أخناتون المصرى ، والنجمة هى رمز وشعار اليهودية ، أما الصليب فهو معروف أنه للنصارى ، والمئذنة معلوم أنها للمسلمين ، ولا ندرى ما رمز الزرادشتية ، ولا رمز الكونفشيوسية ، ولا رمز البوذية ، وعلى كل ، فهذا الذى ذكرناه هو ما أمكننا أن نستخلصه من هذا الرسم ، ولعله يقول فيما لم يرمز إليه أنه محمول على غيره ومقصود معه ، بدليل كلامه السابق الذى ذكرناه.
ونقول نحن من جانبنا : كل من يقول وهو غير مؤمن بالقرآن وبرسالة محمد صلىاللهعليهوسلم أنه من أهل الجنة ، وأن الله تعالى عنه راض ، وأنه تعالى يثيبه على عقيدته أو عبادته فى دار البقاء ، فهو كاذب خاطئ ، قال تعالى حاكيا عن اليهود والنصارى : (وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) [البقرة : ١١١ ، ١١٢].
سمى الله تعالى هذا القول منهم أمنية تمنوها ، وشهوة رغبوا فيها ، يعنى فلا دليل على ذلك ولا برهان ، ثم أمر نبيه صلىاللهعليهوسلم أن يطلب منهم البرهان فى ذلك ، وأن يظهروا ما عندهم من حجة إن كانت لهم حجة أو برهان ، وكانت الإجابة ب (بَلى) لإثبات ما نفوه من دخول غيرهم الجنة ، وبين سبحانه بهذا أن الجنة لن تكون إلا لمن أسلم وانقاد لله تعالى بقلبه باطنا ، وبجوارحه ظاهرا.
وقال بعد ذلك أيضا حاكيا عنهم : (وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [البقرة : ١٣٥] ، فالله سبحانه بهذه الآيات يكذبهم تكذيبا صريحا ، ويبين لهم كيف يكون الوصول إلى الجنة ونيل ما عند الله تعالى من الثواب ، وإذا كان القرآن يكذب اليهود والنصارى فى هذه الدعاوى التى قالوها ، وهم أصحاب شرع سماوى سابق ، فغيرهم ممن لم يعلم له كتاب ولم يعرف له رسول من سائر المذاهب والأديان التى ذكرها الكاتب ، أولى بهذا التكذيب وأحق به ، وعلى الكل أن ينضوى تحت لواء القرآن ، وأن يصدق بما جاء فيه من تشريع وأحكام.
فحقيقة الإيمان الصحيح اللازم لكل مكلف فى أى جنس ، وعلى أى ملة ومذهب ، الإيمان المعتبر عند الله تعالى فى النجاة من الخلود فى النار ، وفى نيل الثواب الدائم