(تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ) أي : تحية الملائكة في الجنة سلام بإذن ربهم. وقد تقدّم تفسير هذا في سورة يونس.
وقد أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : (وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ) قال : بخلق آخر. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله : (فَقالَ الضُّعَفاءُ) قال : الأتباع (لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) قال : للقادة. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم في قوله : (سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا) قال زيد بن أسلم : جزعوا مائة سنة ، وصبروا مائة سنة. وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن كعب ابن مالك يرفعه إلى النبي صلىاللهعليهوسلم في قوله : (سَواءٌ عَلَيْنا) الآية قال : «يقول أهل النار هلمّوا فلنصبر ، فيصبروا خمسمائة عام ، فلما رأوا ذلك لا ينفعهم قالوا : هلموا فلنجزع ، فبكوا خمسمائة عام ، فلما رأوا ذلك لا ينفعهم قالوا : سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص». الظاهر أن هذه المراجعة كانت بينهم بعد دخولهم النار كما في قوله تعالى : (وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِنَ النَّارِ ـ قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيها إِنَّ اللهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ) (١). وأخرج ابن المبارك في الزهد ، وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه وابن عساكر عن عقبة بن عامر يرفعه ، وذكر فيه حديث الشفاعة ، ثم قال : «ويقول الكافرون عند ذلك : قد وجد المؤمنون من يشفع لهم ، فمن يشفع لنا؟ ما هو إلا إبليس فهو الذي أضلّنا ، فيأتون إبليس فيقولون : قد وجد المؤمنون من يشفع لهم قم أنت فاشفع لنا فإنك أنت أضللتنا ، فيقوم إبليس فيثور من مجلسه من أنتن ريح شمّها أحد قط ، ثم يعظهم بجهنّم ، ويقول عند ذلك (إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ) الآية». وضعّف السيوطي إسناده ، ولعلّ سبب ذلك كون في إسناده رشدين بن سعد بن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن دخين الحجري عن عقبة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن قال : إذا كان يوم القيامة قام إبليس خطيبا على منبر من نار فقال : (إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ) إلى قوله : (وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَ) قال : بناصريّ (إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ) قال : بطاعتكم إياي في الدنيا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الشعبي في هذه الآية قال : خطيبان يقومان يوم القيامة : إبليس ، وعيسى ؛ فأما إبليس فيقوم في حزبه فيقول هذا القول ، يعني المذكور في الآية ؛ وأما عيسى فيقول : (ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (٢). وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَ) قال : ما أنا بنافعكم وما أنتم بنافعيّ (إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ) قال : شركه : عباده. وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة : (ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ) قال : ما أنا بمغيثكم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله : (تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ) قال : الملائكة يسلّمون عليهم في الجنّة.
__________________
(١). غافر : ٤٧ و ٤٨.
(٢). المائدة : ١١٧.