الأقيدر : تصغير الأقدر ؛ وهو الرجل القصير ، والحشيف من الثياب : الخلق ، وسامت : مرّت ، ويقال : أملق إذا افتقر وسلب الدهر ما بيده. قال أوس :
وأملق ما عندي خطوب تنبّل (١)
نهاهم الله سبحانه عن أن يقتلوا أولادهم خشية الفقر ، وقد كانوا يفعلون ذلك ، ثم بيّن لهم أن خوفهم من الفقر حتى يبلغوا بسبب ذلك إلى قتل الأولاد لا وجه له ، فإن الله سبحانه هو الرازق لعباده ، يرزق الأبناء كما يرزق الآباء فقال (نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ) ولستم لهم برازقين حتى تصنعوا بهم هذا الصنع ، وقد مرّ مثل هذه الآية في الأنعام ، ثم علّل سبحانه النهي عن قتل الأولاد لذلك بقوله : (إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً) قرأ الجمهور بكسر الخاء وسكون الطاء وبالهمز المقصور. وقرأ ابن عامر ، خطأ ، بفتح الخاء والطاء والقصر في الهمز ، يقال : خطىء في ذنبه خطأ ؛ إدا أثم ، وأخطأ : إذا سلك سبيل خطأ عامدا أو غير عامد. قال الأزهري : خطىء يخطأ خطئا مثل أثم يأثم إثما ؛ إذا تعمّد الخطأ ، وأخطأ : إذا لم يتعمّد ، إخطاء وخطأ ، قال الشاعر :
دعيني إنما خطئي وصوبي |
|
عليّ وإنّ ما أهلكت مال (٢) |
والخطأ الاسم يقوم مقام الإخطاء ، وفيه لغتان القصر ، وهو الجيد ، والمدّ وهو قليل. وقرأ ابن كثير بكسر الخاء وفتح الطاء ومد الهمز. قال النحاس : ولا أعرف لهذه القراءة وجها ، وكذلك جعلها أبو حاتم غلطا. وقرأ الحسن «خطىّ» بفتح الخاء والطاء منوّنة من غير همزة. ولما نهى سبحانه عن قتل الأولاد المستدعي لإفناء النسل ذكر النهي عن الزنا المفضي إلى ذلك لما فيه من اختلاط الأنساب فقال : (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى) وفي النهي عن قربانه بمباشرة مقدماته نهي عنه بالأولى ، فإن الوسيلة إلى الشيء إذا كانت حراما كان المتوسل إليه حراما بفحوى الخطاب ، والزنى فيه لغتان : المد ، والقصر. قال الشاعر :
كانت فريضة ما تقول كما |
|
كان الزّناء فريضة الرّجم |
ثم علّل النهي عن الزنا بقوله : (إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً) أي : قبيحا متبالغا في القبح مجاوزا للحدّ (وَساءَ سَبِيلاً) أي : بئس طريقا طريقه ، وذلك لأنه يؤدي إلى النار ، ولا خلاف في كونه من كبائر الذنوب. وقد ورد في تقبيحه والتنفير عنه من الأدلة ما هو معلوم ، ولما فرغ من ذكر النهي عن القتل لخصوص الأولاد وعن النهي عن الزنا الذي يفضي إلى ما يفضي إليه قتل الأولاد من اختلاط الأنساب وعدم استقرارها ، نهى عن قتل الأنفس المعصومة على العموم فقال : (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِ) والمراد بالتي
__________________
(١). وصدره : لما رأيت العدم قيد نائلي.
(٢). في المطبوع :
دعيني إنما خطاء وصدا |
|
علي وإنما أهلكت مالي |
والمثبت من اللسان والشعر والشعراء لابن قتيبة.