من امرأة العزيز ؛ وقيل : إنه خاطب امرأة العزيز بما يصلح لخطاب جماعة النساء تعظيما لها ، أو عدولا عن التصريح إلى التعريض ، والكيد : الاحتيال ، وجزم (أَصْبُ إِلَيْهِنَ) على أنه جواب الشرط ، أي : أمل إليهنّ ، من صبا يصبو ؛ إذا مال واشتاق ، ومنه قول الشاعر :
إلى هند صبا قلبي |
|
وهند حبّها يصبي (١) |
(وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ) معطوف على أصب ، أي : أكن ممن يجهل ما يحرم ارتكابه ويقدم عليه ، أو ممن يعمل عمل الجهال. قوله : (فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ) لما قال : (وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَ) كان ذلك منه تعرّضا للدعاء ، وكأنه قال : اللهمّ اصرف عنّي كيدهنّ ، فالاستجابة من الله تعالى له هي بهذا الاعتبار ، لأنه إذا صرف عنه كيدهنّ لم يقع شيء مما رمنه منه ، ووجه إسناد الكيد قد تقدّم ، وجملة (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) تعليل لما قبلها من صرف كيد النسوة عنه ، أي : إنه هو السميع لدعوات الداعين له : العليم بأحوال الملتجئين إليه.
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : (قَدْ شَغَفَها) قال : غلبها. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عنه (قَدْ شَغَفَها) قال : قتلها حبّ يوسف ، الشغف : الحبّ القاتل ، والشعف : حبّ دون ذلك ، والشغاف : حجاب القلب. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضا (قَدْ شَغَفَها) قال : قد علقها. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : (فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَ) قال : بحديثهنّ. وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان (فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَ) قال : بعملهنّ ، وكلّ مكر في القرآن فهو عمل. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في قوله : (وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً) قال : هيأت لهنّ مجلسا ، وكان سنّتهم إذا وضعوا المائدة أعطوا كلّ إنسان سكينا يأكل بها (فَلَمَّا رَأَيْنَهُ) قال : فلما خرج عليهن يوسف (أَكْبَرْنَهُ) قال : أعظمته ونظرن إليه ، وأقبلن يحززن أيديهنّ بالسكاكين وهنّ يحسبن أنهنّ يقطعن الطعام. وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس (وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً) قال : أعطتهنّ أترنجا ، وأعطت كل واحدة منهنّ سكينا ، فلما رأين يوسف أكبرنه ، وجعلن يقطعن أيديهنّ وهنّ يحسبن أنهنّ يقطعن الأترنج. وأخرج مسدّد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عنه المتكأ : الأترنج ، وكان يقرؤها خفيفة. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد (مُتَّكَأً) قال : طعاما. وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عنه قال : هو الأترنج. وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : هو كلّ شيء يقطع بالسكين. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الضحّاك مثله. وأخرج أبو الشيخ من طريق عبد العزيز ابن الوزير بن الكميت بن زيد قال حدّثني أبي عن جدّي يقول في قوله : (فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ) قال : أمنين ، وأنشد :
__________________
(١). الشاعر هو زيد بن ضبّة.
وفي لسان العرب : ........ وهند مثلها يصبي.