الأنبياء أو الأنبياء على الملائكة ، ومن جملة ما تمسّك به مفضّلو الأنبياء على الملائكة هذه الآية ، ولا دلالة لها على المطلوب لما عرفت من إجمال الكثير وعدم تبيينه ، والتعصب في هذه المسألة هو الذي حمل بعض الأشاعرة على تفسير الكثير هنا بالجميع حتى يتمّ له التفضيل على الملائكة ، وتمسّك بعض المعتزلة بهذه الآية على تفضيل الملائكة على الأنبياء ، ولا دلالة بها على ذلك ، فإنه لم يقم دليل على أن الملائكة من القليل الخارج عن هذا الكثير ، ولو سلّمنا ذلك فليس فيما خرج عن هذا الكثير ما يفيد أنه أفضل من بني آدم ، بل غاية ما فيه أنه لم يكن الإنسان مفضّلا عليه ، فيحتمل أن يكون مساويا للإنسان ، ويحتمل أن يكون أفضل منه ، ومع الاحتمال لا يتمّ الاستدلال ، والتأكيد بقوله : (تَفْضِيلاً) يدلّ على عظم هذا التفضيل وأنه بمكان مكين ، فعلى بني آدم أن يتلقّوه بالشكر ، ويحذروا من كفرانه.
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (يُزْجِي) قال : يجري. وأخرجوا عن قتادة قال : يسيّرها في البحر. وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : (حاصِباً) قال : مطر الحجارة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة قال : حجارة من السماء. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس (قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ) قال : التي تغرق. وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن عبد الله بن عمرو قال : القاصف والعاصف في البحر. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (قاصِفاً) قال : عاصفا ، وفي قوله : (ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً) قال : نصيرا. وأخرج الطبراني ، والبيهقي في الشعب ، والخطيب في تاريخه ، عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما من شيء أكرم على الله يوم القيامة من ابن آدم ، قيل : يا رسول الله ولا الملائكة؟ قال : ولا الملائكة ، الملائكة مجبورون بمنزلة الشمس والقمر». وأخرجه البيهقي من وجه آخر عن ابن عمرو موقوفا قال : وهو الصحيح. وأخرج البيهقي في الشّعب عن أبي هريرة قال : المؤمن أكرم على الله من ملائكته. وأخرج الطبراني عن ابن عمرو عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّ الملائكة قالت : يا ربّ أعطيت بني آدم الدنيا يأكلون فيها ويشربون ويلبسون ، ونحن نسبح بحمدك ولا نأكل ولا نشرب ولا نلهو ، فكما جعلت لهم الدنيا فاجعل لنا الآخرة ، قال : لا أجعل صالح ذرّية من خلقت بيدي كمن قلت له كن فكان». وأخرجه عبد الرزاق وابن جرير عن زيد بن أسلم قال : قالت الملائكة. وإسناد الطبراني هكذا : حدثنا أحمد بن محمد بن صدقة البغدادي ، حدّثنا إبراهيم بن عبد الله بن خالد المصيصي ، حدثنا حجاج بن محمد ، حدثنا أبو غسان محمد بن مطرف ، عن صفوان بن سليم ، عن عطاء بن يسار ، عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم فذكره. وأخرج ابن عساكر من طريق عروة بن رويم قال : حدثني أنس بن مالك عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فذكر نحو حديث ابن عمرو الأول مع زيادة. وأخرج نحوه البيهقي أيضا في الأسماء والصفات من وجه آخر عن عروة بن رويم عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم فذكره. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه ، والبيهقي في الشعب ، من طرق عن ابن عباس في قوله : (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ) قال : جعلناهم يأكلون بأيديهم وسائر الخلق