وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم عن ربه أنه قال : «أنا خير الشركاء ، فمن عمل عملا أشرك فيه غيري فأنا بريء منه ، وهو للذي أشرك» وفي لفظ : «فمن أشرك بي أحدا فهو له كله» ، وفي الباب أحاديث كثيرة في التحذير من الرياء وأنه الشرك الأصغر ، وأن الله لا يقبله ، وقد استوفاها صاحب «الدرّ المنثور» في هذا الموضع فليرجع إليه ، ولكنها لا تدلّ على أنه المراد بالآية ، بل الشرك الجليّ يدخل تحتها دخولا أوّليا ، وعلى فرض أن سبب النزول هو الرياء كما يشير إلى ذلك ما قدّمنا ، فالاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما هو مقرّر في علم الأصول.
وقد ورد في فضائل هذه الآية بخصوصها ما أخرجه الطبراني وابن مردويه عن أبي حكيم قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لو لم ينزل على أمتي إلا خاتمة سورة الكهف لكفتهم». وأخرج ابن راهويه والبزار ، والحاكم وصحّحه ، والشيرازي في الألقاب ، وابن مردويه عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من قرأ في ليلة (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ) الآية ، كان له نور من عدن أبين إلى مكة حشوه الملائكة» قال ابن كثير بعد إخراجه : غريب جدا. وأخرج ابن الضريس عن أبي الدرداء قال : من حفظ خاتمة الكهف كان له نور يوم القيامة من لدن قرنه إلى قدمه. وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن معاوية بن أبي سفيان أنه تلا هذه الآية (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ) وقال : إنها آخر آية نزلت من القرآن. قال ابن كثير : وهذا أثر مشكل ، فإن هذه الآية هي آخر سورة الكهف ، والكهف كلها مكية ، ولعل معاوية أراد أنه لم ينزل بعدها ما ينسخها ولا يغير حكمها ، بل هي مثبتة محكمة ، فاشتبه ذلك على بعض الرواة ؛ فروى بالمعنى على ما فهمه.
* * *