حاتم عنه قال : إنما اتخذت النصارى المشرق قبلة ؛ لأن مريم اتخذت من أهلها مكانا شرقيا ، فاتخذوا ميلاده قبلة ، وإنما سجدت اليهود على حرف حين نتق فوقهم الجبل ، فجعلوا ينحرفون وهم ينظرون إليه ، يتخوّفون أن يقع عليهم ، فسجدوا سجدة رضيها الله ، فاتخذوها سنة. وأخرج الحاكم وصحّحه ، والبيهقي في الأسماء والصفات ، وابن عساكر من طريق السدّي عن أبي مالك عن ابن عباس ، وعن مرّة عن ابن مسعود قالا : خرجت مريم بنت عمران إلى جانب المحراب لحيض أصابها ، فلما طهرت إذا هي برجل معها (فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً) ففزعت و (قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا) فخرجت وعليها جلبابها ، فأخذ بكمها فنفخ في جيب درعها ، وكان مشقوقا من قدّامها ، فدخلت النفخة صدرها فحملت ، فأتتها أختها امرأة زكريا ليلة تزورها ، فلما فتحت لها الباب التزمتها ، فقالت امرأة زكريا : يا مريم أشعرت أني حبلى ، قالت مريم : أشعرت [أيضا] (١) أني حبلى ، فقالت امرأة زكريا : فإني وجدت ما في بطني سجد للذي في بطنك ، فذلك قوله تعالى : (مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ) (٢) فولدت امرأة زكريا يحيى ، ولما بلغ أن تضع مريم خرجت إلى جانب المحراب (فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا) الآية (فَناداها) جبريل (مِنْ تَحْتِها أَلَّا تَحْزَنِي) فلما ولدته ذهب الشيطان ، فأخبر بني إسرائيل أن مريم ولدت ، فلما أرادوها على الكلام أشارت إلى عيسى فتكلم ف (قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ) الآيات ، ولما ولد لم يبق في الأرض صنم إلا خرّ لوجهه. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في مريم قال : حين حملت وضعت. وأخرج ابن عساكر عنه قال : وضعت لثمانية أشهر. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : (فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا) قال : جبريل. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن سعيد بن جبير نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء نحوه أيضا. وأخرج ابن أبي حاتم ، والحاكم وصحّحه ، والبيهقي في الأسماء والصفات ، وابن عساكر عن أبيّ بن كعب في الآية قال : تمثل لها روح عيسى في صورة بشر فحملته ، قال : حملت الذي خاطبها ، دخل في فيها. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : (مَكاناً قَصِيًّا) قال : نائيا. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه في قوله : (إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ) قال : كان جذعا يابسا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عنه أيضا في قوله : (وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا) قال : لم أخلق ولم أك شيئا. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة (وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا) قال : حيضة ملقاة. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد نحوه وأخرج عبد بن حميد عن نوف البكالي والضحّاك مثله ، وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله : (فَناداها مِنْ تَحْتِها) قال : الذي ناداها جبريل. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال : الذي ناداها من تحتها جبريل ، ولم يتكلم عيسى حتى أتت به قومها. وقد اختلفت الروايات عن السلف ، هل هذا المنادي هو جبريل أو عيسى. وأخرج عبد بن حميد عن أبي بكر بن عياش قال : قرأ عاصم بن أبي النّجود (فَناداها مِنْ تَحْتِها) بالنصب ، قال : وقال عاصم من قرأ بالنصب فهو عيسى ، ومن قرأ بالخفض فهو جبريل. وأخرج الطبراني وابن مردويه وابن النجار عن
__________________
(١). ما بين حاصرتين من الدر المنثور.
(٢). آل عمران : ٣٩.