ذلك الجزاء نجزيه ، والإسراف : الانهماك في الشهوات ، وقيل : الشرك (وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ) بل كذّب بها (وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ) أي : أفظع من المعيشة الضنكى (وَأَبْقى) أي : أدوم وأثبت ؛ لأنه لا ينقطع.
وقد أخرج ابن أبي شيبة والطبراني ، وأبو نعيم في الحلية ، وابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من اتّبع كتاب الله هداه الله من الضّلالة في الدنيا ، ووقاه سوء الحساب يوم القيامة» وذلك أن الله يقول : (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى). وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد ومحمد بن نصر وابن المنذر وابن أبي حاتم ؛ والحاكم وصحّحه ، والبيهقي في الشعب ، من طرق عن ابن عباس قال : أجار الله تابع القرآن من أن يضلّ في الدنيا أو يشقى في الآخرة ، ثم قرأ : (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى) قال : لا يضلّ في الدنيا ، ولا يشقى في الآخرة. وأخرج عبد الرزاق وسعيد ابن منصور ، ومسدّد في مسنده ، وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، والحاكم وصحّحه ، وابن مردويه والبيهقي عن أبي سعيد الخدري مرفوعا في قوله : (مَعِيشَةً ضَنْكاً) قال : «عذاب القبر». ولفظ عبد الرزاق قال : «يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه». ولفظ ابن أبي حاتم قال : «ضمة القبر». وفي إسناده ابن لهيعة ، وفيه مقال معروف. وقد روي موقوفا. قال ابن كثير : الموقوف أصح. وأخرج البزار وابن أبي حاتم عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم في قوله : (فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً) قال : «المعيشة الضّنكى : أن يسلّط عليه تسعة وتسعون حية ينهشون لحمه حتى تقوم الساعة». وأخرج ابن أبي الدنيا والحكيم الترمذي وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان وابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة مرفوعا نحوه بأطول منه. قال ابن كثير : رفعه منكر جدا. وأخرج ابن أبي شيبة والبزار وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم في قوله : (فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً) قال : «عذاب القبر». قال ابن كثير بعد إخراجه : إسناد جيد. وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن المنذر والطبراني والبيهقي عن ابن مسعود في قوله : (فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً) قال : عذاب القبر ، ومجموع ما ذكرنا هنا يرجّح تفسير المعيشة الضنكى بعذاب القبر. وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في كتاب «عذاب القبر» عن ابن مسعود أنه فسر المعيشة الضنكى بالشقاء. وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى) قال : عمي عليه كل شيء إلا جهنم ، وفي لفظ : لا يبصر إلا النار. وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله : (وَكَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ) قال : من أشرك بالله.
(أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى (١٢٨) وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى (١٢٩) فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى (١٣٠) وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى (١٣١) وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ