المعنى : يسارع الله لهم. وقرأ الباقون (نُسارِعُ) بالنون. قال الثعلبي : وهذه القراءة هي الصواب لقوله «نمدّهم».
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا) قال : يتبع بعضهم بعضا. وفي لفظ قال : بعضهم على إثر بعض. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً) قال : ولدته من غير أب. وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس آية قال : عبرة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس (وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ) قال : الربوة : المستوية ، والمعنى : الماء الجاري ، وهو النهر الذي قال الله : (قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا) (١). وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه (وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ) قال : هي المكان المرتفع من الأرض ، وهو أحسن ما يكون فيه النبات (ذاتِ قَرارٍ) ذات خصب ، والمعين : الماء الظاهر. وأخرج وكيع والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وتمام الرازي وابن عساكر ـ قال السيوطي : بسند صحيح ، عن ابن عباس في قوله : (إِلى رَبْوَةٍ) قال : أنبئنا أنها دمشق. وأخرج ابن عساكر عن عبد الله بن سلام مثله. وكذا أخرجه ابن أبي حاتم عنه. وأخرج ابن عساكر عن أبي أمامة مرفوعا نحوه ، وإسناده ضعيف. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ، والطبراني في الأوسط ، وابن مردويه وابن عساكر عن مرة البهزي ، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «الرّبوة : الرملة». وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم ، والحاكم في الكنى ، وابن عساكر عن أبي هريرة قال : هي الرملة من فلسطين. وأخرجه ابن مردويه من حديثه مرفوعا. وأخرج الطبراني وابن السكن وابن مندة وأبو نعيم وابن عساكر عن الأقرع ابن شفي العكي مرفوعا نحوه. وأخرج أحمد ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال : (يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) وقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ) (٢) ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر ، ومطعمه حرام ، ومشربه حرام ، وملبسه حرام ، وغذي بالحرام يمدّ يديه إلى السماء : يا ربّ يا ربّ ، فإنّى يستجاب لذلك». وأخرج سعيد بن منصور عن حفص الفزاري في قوله : (يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ) قال : ذلك عيسى بن مريم يأكل من غزل أمه. وأخرجه عبدان في «الصحابة» عن حفص مرفوعا ، وهو مرسل لأن حفصا تابعي.
(إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (٥٧) وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (٥٨) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ (٥٩) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ (٦٠) أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ (٦١) وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٦٢) بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هذا وَلَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ هُمْ لَها عامِلُونَ (٦٣) حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ (٦٤) لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ
__________________
(١). مريم : ٢٤.
(٢). البقرة : ١٧٢.