من اليمامة حتى أكلت قريش العلهز ، فجاء أبو سفيان إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : أليس تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين؟ قال : بلى. قال : فقد قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع ، فأنزل الله (وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ) الآية. وأخرج العسكري في المواعظ ، عن عليّ بن أبي طالب في قوله : (فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ) قال : أي : لم يتواضعوا في الدعاء ولو يخضعوا ، ولو خضعوا لله لاستجاب لهم. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : (حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ) قال : قد مضى ، كان يوم بدر.
(قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٤) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٨٥) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٨٦) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (٨٧) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٨) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (٨٩) بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (٩٠) مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ (٩١) عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٩٢) قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ (٩٣) رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٩٤) وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ (٩٥) ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ (٩٦) وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ (٩٧) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (٩٨))
أمر الله سبحانه نبيه صلىاللهعليهوسلم أن يسأل الكفار عن أمور لا عذر لهم من الاعتراف فيها ، ثم أمره أن ينكر عليهم بعد الاعتراف منهم ويوبّخهم ، فقال : (قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها) أي : قل يا محمد لأهل مكة هذه المقالة ، والمراد بمن في الأرض الخلق جميعا ، وعبّر عنهم بمن تغليبا للعقلاء (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) شيئا من العلم ، وجواب الشرط محذوف ، أي : إن كنتم تعلمون فأخبروني. وفي هذا تلويح بجهلهم وفرط غباوتهم (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ) أي : لا بدّ لهم أن يقولوا ذلك ، لأنه معلوم ببديهة العقل ، ثم أمره سبحانه أن يقول لهم بعد اعترافهم (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) ترغيبا لهم في التدبّر وإمعان النظر والفكر ، فإن ذلك مما يقودهم إلى اتباع الحق وترك الباطل ، لأن من قدر على ذلك ابتداء قدر على إحياء الموتى (قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ـ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ) جاء سبحانه باللام نظرا إلى معنى السؤال ، فإن قولك : من ربه ، ولمن هو في معنى واحد ، كقولك : من ربّ هذه الدار؟ فيقال : زيد ، ويقال : لزيد. وقرأ أبو عمرو وأهل العراق : «سيقولون الله» بغير لام نظرا إلى لفظ السؤال ، وهذه القراءة أوضح من قراءة الباقين باللام ، ولكنه يؤيد قراءة الجمهور أنها مكتوبة في جميع المصاحف باللام بدون ألف ، وهكذا قرأ الجمهور في قوله : (قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ـ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ) باللام نظرا إلى معنى السؤال كما سلف. وقرأ أبو عمرو وأهل العراق بغير لام نظرا إلى لفظ السؤال ، ومثل هذا قول الشاعر :