واختار ابن جرير أن المعقبات المواكب بين أيدي الأمراء ، على معنى أن ذلك لا يدفع عنه القضاء (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ) من النعمة والعافية (حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) من طاعة الله. والمعنى : أنه لا يسلب قوما نعمة أنعم بها عليهم حتى يغيروا الذي بأنفسهم من الخير والأعمال الصالحة ، أو يغيروا الفطرة التي فطرهم الله عليها. قيل : وليس المراد أنه لا ينزل بأحد من عباده عقوبة حتّى يتقدّم له ذنب ، بل قد تنزل المصائب بذنوب الغير كما في الحديث إنه : «سأل رسول الله سائل فقال : أنهلك وفينا الصالحون؟ قال : نعم إذا كثر الخبث». (وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً) أي هلاكا وعذابا (فَلا مَرَدَّ لَهُ) أي فلا ردّ له ؛ وقيل : المعنى : إذا أراد الله بقوم سوءا أعمى قلوبهم حتى يختاروا ما فيه البلاء (وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ) يلي أمرهم ويلتجئون إليه ، فيدفع عنهم ما ينزل بهم من الله سبحانه من العقاب ، أو من ناصر ينصرهم ويمنعهم من عذاب الله. والمعنى : أنه لا رادّ لعذاب الله ولا ناقض لحكمه.
وقد أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله : (وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ) قال : إن تعجب يا محمد من تكذيبهم إياك فعجب قولهم. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد في الآية قال : إن تعجب يا محمد من تكذيبهم ، وهم رأوا من قدرة الله وأمره ، وما ضرب لهم من الأمثال وأراهم من حياة الموتى والأرض الميتة (فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) أولا يرون أنه خلقهم من نطفة ، فالخلق من نطفة أشد من الخلق من تراب وعظام. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : (وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ) قال : العقوبات. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في المثلات قال : وقائع الله في الأمم فيمن خلا قبلكم. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : المثلات ما أصاب القرون الماضية من العذاب. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن المسيب قال : لما نزلت هذه الآية (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ) قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لو لا عفو الله وتجاوزه ما هنأ لأحد العيش ، ولو لا وعيده وعقابه لاتّكل كلّ أحد». وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) قال : داع. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) قال : المنذر محمد صلىاللهعليهوسلم ، (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) نبيّ يدعوهم إلى الله. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : محمد المنذر والهادي الله عزوجل. وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس نحوه. وأخرج ابن جرير عن مجاهد نحوه أيضا. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم هو المنذر وهو الهادي. وأخرج ابن جرير عن عكرمة وأبي الضحى نحوه. وأخرج ابن جرير وابن مردويه ، وأبو نعيم في المعرفة ، والديلمي وابن عساكر وابن النجار عن ابن عباس قال : لما نزلت (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) «وضع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يده على صدره فقال : أنا المنذر ، وأومأ بيده إلى منكب عليّ فقال : أنت الهادي يا علي ، بك يهتدي المهتدون من بعدي» قال ابن كثير في تفسيره : وهذا الحديث فيه نكارة شديدة. وأخرج ابن مردويه عن أبي برزة الأسلمي قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم