قال : هو قصر في الجنة لا يدخله إلا نبيّ أو صدّيق أو شهيد أو حكم عدل. وأخرج ابن مردويه عن عليّ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «جنّة عدن قضيب غرسه الله بيده ، ثم قال له كن فكان». وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد (وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ) قال : من آمن في الدنيا. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي عمران الجوني في قوله : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ) قال : على دينكم (فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) قال : نعم ما أعقبكم الله من الدنيا في الجنة.
وأخرج أحمد والبزار وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان وأبو الشيخ وابن مردويه ، والحاكم وصحّحه ، وأبو نعيم في الحلية ، والبيهقي في شعب الإيمان ، عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أوّل من يدخل الجنة من خلق الله فقراء المهاجرين الذين تسدّ بهم الثغور ، وتتّقى بهم المكاره ، ويموت أحدهم وحاجته في صدره لا يستطيع لها قضاء ، فيقول الله لمن يشاء من ملائكته : ائتوهم فحيوهم ، فتقول الملائكة : ربنا نحن سكان سمائك وخيرتك من خلقك ، أفتأمرنا أن نأتي هؤلاء فنسلم عليهم؟ قال الله : إن هؤلاء عبادي كانوا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ، وتسدّ بهم الثغور ، وتتّقى بهم المكاره ، ويموت أحدهم وحاجته في صدره لا يستطيع لها قضاء ، فتأتيهم الملائكة عند ذلك فيدخلون عليهم من كل باب (سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ)». وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي أمامة : «إن المؤمن ليكون متكئا على أريكة إذا دخل الجنة وعنده سماطان من خدم ، وعند طرف السماطين باب مبوّب ، فيقبل الملك فيستأذن ، فيقول أقصى الخدم للذي يليه : ملك يستأذن ، ويقول الذي يليه : ملك يستأذن ، حتى يبلغ المؤمن ، فيقول : ائذنوا له ، فيقول أقربهم إلى المؤمن : ائذنوا له ، ويقول الذي يليه للذي يليه ائذنوا له ، حتى يبلغ أقصاهم الذي عند الباب ، فيفتح له فيدخل ويسلّم عليه ، ثم ينصرف». وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس (وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) قال : سوء العاقبة.
(اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ مَتاعٌ (٢٦) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ (٢٧) الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (٢٨) الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ (٢٩) كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتابِ (٣٠))
لما ذكر الله سبحانه عاقبة المشركين بقوله : (وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) كان لقائل أن يقول : قد نرى كثيرا منهم قد وفّر الله له الرزق وبسط له فيه ، فأجاب عن ذلك بقوله : (اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) فقد يبسط الرزق لمن كان كافرا ، ويقتره على من كان مؤمنا ابتلاء وامتحانا ، ولا يدلّ البسط على الكرامة ولا القبض على الإهانة ، ومعنى يقدر : يضيق ، ومنه (وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ) (١) أي ضيق ؛ وقيل : معنى
__________________
(١). الطلاق : ٧.