إشعار بذلك أيضا فقوله تعالى (إِنَّ الْحَسَناتِ). الآية يميز له التعليل بقوله (أَقِمِ الصَّلاةَ) إلا ان في الروايات الواردة عن أئمة أهل البيت (ع) استدلال واستشهاد في غير مورد الصلاة.
ومعنى إذهاب الحسنات السيئات ان الله سبحانه يعطي الحسنة ويضاعفها بفضله وكرمه أضعافا مضاعفة كثيرة لمن يشاء (وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ) اي سيئات المحسنين تكرما وتعطفا عليهم وتفسير ذلك انه من باب الحبط والتكفير المصطلح في علم الكلام كما احتمله المولى المحقق الأردبيلي (قده) ومعنى الحبط عندهم إسقاط استحقاق ثواب الطاعة المتقدمة بالكبيرة المتأخرة مطلقا سواء كان أحدهما أقل أو أكثر وقال بعضهم بالموازنة وهي ان يسقط من الأكثر ما يساوي الأقل ويبقى الزائد على حاله من غير تزاحم والتكفير عبارة عن إسقاط استحقاق عقاب الذنب المتقدم بالطاعة المتأخرة وقد أسلفنا الكلام في ذلك في بطلان الحبط والتكفير بالمعنى الذي ذكروه في هذا الباب مستوفى في تفسير الآية ٢٢ من آل عمران من أرادها فليراجعها وقيل المراد من ذهاب السيئات بالحسنات شدة توفيق المحسنين في الاجتناب عن السيئات مثل قوله تعالى (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) (العنكبوت ٤٥) ولا يمكن حمل الآية عليه.
(الآية الثالثة)
قال تعالى (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ) (الروم ١٧).
قوله تعالى (فَسُبْحانَ اللهِ) تسبيح وتقديس لله جل ثناؤه عن كل ما لا يليق به من حيث ذاته وصفاته وأفعاله وقد تكاثرت في الكتاب والسنة التسبيحات والتقديسات بأنحاء مختلفة وعبارات متنوعة في العبادات والأذكار والأدعية والخطب وقد طلعت دعوة القرآن الكريم بالتكبير والتسبيح قال تعالى (قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ) والتكبير هو تسبيح الذات على ما أسلفناه في بعض أبحاثنا ولرتلت في القرآن الكريم حقه لوجدت أن هذه التسبيحات في معرض تشبيه الملحدين وتوهم الجاهلين وتوصيف الواصفين قال تعالى (فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) الأنبياء (٢٢) قال تعالى (سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ) (الصافات ١٥٩).
قوله تعالى (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ) قيل انه أمر بالتسبيح على صورة الاخبار اي سبحوا الله تسبيحا وسبحانا حين تدخلون في المساء وسبحان مصدر مثل غفران ووردت في تفسير قوله تعالى (وَسُبْحانَ اللهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (يوسف ١٠٩) عدة روايات منها في البرهان عن الصدوق بإسناده عن بريد الأصم قال سأل رجل عمر بن الخطاب فقال يا أمير المؤمنين فما تفسير سبحان الله قال ان في هذا الحائط رجلا كان إذا سأل أنبأ