تقرره هكذا يكون مشكلا ؛ لأن المرتب على هذه القضية الشرطية ثابت في نفس الأمر ، وكل ما هو ثابت في نفس الأمر لا يصح ترتيبه على القضية الشرطية ، فلا تقول : إن قام زيد تطلع الشمس ؛ لأنها تطلع سواء قام أو لم يقم ، وكذلك (حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ) سواء تولى الله أحد ورسوله أو لم يتول ؛ لأن حزب الله هم الغالبون مطلقا إلا في هذه الحالة.
قوله تعالى : (وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً).
قال ابن عرفة : هذه الآية تدل على أن ارتباط الدليل بالمدلول مادي لا عقلي ، إذ لو كان عقليا لما تخلف.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ).
ابن عرفة : ذكر الرب هنا مناسب على قاعدة أهل السنة في أن بعثة الرسل محض تفضل من الله تعالى.
قوله تعالى : (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ).
فيه إشكال من ناحية أن الجواب غير الشرط ، إذ لا يجوز أن يقال : إن لم يقم زيد لم يقم زيد ، وأجيب بأربعة أوجه ، ذكر أبو حيان منها ثلاثة :
الأول : أن المراد إن لم تبلغ الجميع وبلغت البعض فإنك لم تبلغ شيئا ، ورده الرازي بأنه يلزم عليه الخلف ؛ لأن المبلغ للبعض قد بلغ ، وأجيب بأن المراد الحكم بالتبليغ لا نفس التبليغ أي إن لم تبلغ الجميع ، وتركت البعض فإنك محكوم عليك بأنك لم تبلغ شيئا.
الجواب الثاني : أن المراد بذلك التعظيم والتفخيم ، مثل : أنا أبو النجم وشعري شعري أي وشعري شعري المشهور للتعظيم ، ابن عرفة : وكان بعضهم يتم تقريره هذا أحرى في التعظيم والتفخيم ؛ لأن الجملة الابتدائية لا تتركب من المحال بوجه ، وجملة الشرط قد تركبت من المحال ؛ لأن المحال قد يستلزم محالات مثل (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) [الأنبياء : ٢٢] فإذا حصل الشرط بعينه جوابا انتفى توهم احتمال كون الشرط محالا ، فأفادت إعادته تحقيق كون الشرط ثابتا ممكنا ليس بمحال ، فإذا جاز إعادة المبتدأ بعينه ، فأحرى أن يجوز إعادة الشرط بعينه.
الجواب الثالث : أنه من إقامة السبب مقام سببه ، أي فإن لم تفعل فليس لك ثواب ؛ لأنك لم تبلغ شيئا ، أي وإن بلغت البعض ولم تبلغ الجميع فليس لك ثواب في