تعلمون احتياج مريم إلى الطعام ، وأن ذلك موجب لحاجتها وافتقارها لحاجتها كذلك هو في عيسى عليهالسلام.
قوله تعالى : (انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ).
هذا دليل على صحة ما يقولونه من أن ارتباط الدليل بالمدلول مادي لا عقلي ، قال : ويجاب بأنه عقلي لكن عبادتهم لم يعيروا على الوجه الذي منه يدل الدليل.
قوله تعالى : (قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَاللهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
قدّمنا أن عند ابن عرفة في الختمة منها ثلاثة أسئلة :
أولها : [...] على تخصيص غيره من العبادة وهم لم يخصوا الغير بها لكن أشركوا غير الله معه في العبادة ، فقالوا : إن الله ثالث ثلاثة ، وتقدم الجواب بأن عبادتهم الأصنام لا تقتضي تشريكا ؛ لأن من شرط المعبود أن لا تشرك معه غيره فليس في التشريك عبادة فلم يعبدوا [...] الله وأيضا فإنهم لما أشركوا في العبادة جعلوا لكل من المعبودين نصيبا منها قولك النصيب الذي لغير الله عبدوا فيه ذلك الغير من دون الله.
السؤال الثاني : لم قال (لا يَمْلِكُ لَكُمْ) ولو قال : لا يملك ضرا ولا نفعا لكان أبلغ في النفي والعجز؟ وتقدم الجواب بأنه إذا كان لا ينتفع الخاص به المقرب إليه ، فأحرى أن لا ينتفع به البعيد عنه ولا يضره.
ورده ابن عرفة : ليس من باب أحرى ؛ لأن هؤلاء شركوا في العبادة ، وغيرهم خصوا غير الله بالعبادة فما يلزم من كون غير الله لا ينتفع من أشركه في العبادة مع الله لا ينفع من اختصه بالعبادة فليس من باب أحرى ، وأجاب ابن عرفة من السؤال بأنه لو قال : ما يملك ضرا ولا نفعا لكانت سالبة كلية ، والسالبة الكلية تناقضها السالبة الجزئية ، فكان يكون مفهومه أن الله يملك النفع والضر ؛ لأنه إذا كان غير الله لا يملك ضرا ولا نفعا كان الله يملك ضرا ونفعا من قولنا : يملك ضرا ونفعا بمطلق ؛ لأنه في سياق الثبوت ، والمطلق يقيده بصورة فيقولون هم : نعم الله يملك ضرا ونفعا لغيرنا ، وهم الذين خصوا غيره بالعبادة تجردت وأما نحن فلا ؛ لأنه إذا كان ضرهم لأنك صدق أنه يملك ضرا ونفعا فأتى بلفظة لكم فيكون الكلام أبلغ ولا يبقى لهم فيه مقال ؛ لأنه أفاد أن الله يملك لكم الضر والنفع ، وغيره لا يملك لكم ضرا ولا نفعا.