إحسان فسره النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم في حديث القدر ، فقال : " أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك (١) " ، وفسره الله تعالى في أول سورة لقمان ، فقال (هُدىً وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) [سورة لقمان : ٣ ـ ٤] فهو في الحديث أخص ، قال : ويحتمل وجهين :
أحدهما : أنه من إيقاع الظاهر موقع المضمر فيكون هم من المحسنين.
الثاني : أنهم ليسوا من المحسنين لكن تفضل الله عليهم زيادة ما أثابهم به بأن أعطاهم جزاء المحسنين ، ولذلك عبر في الأول بالثواب إشارة إلى التفضل ، وفي الثاني إلى الجزاء إشارة إلى وجوبه أي أعطاهم الأجر الذي يستحق بالإحسان أي استحقه المحسنون بإحسانهم.
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا).
ذكره هنا لأحد وجهين : إما ليكون تقسيما مستوفيا بذكر الفريقين ، وإما بأنه إشارة إلى نعيمهم بني عليه الملائم ودفع المؤلم.
قال ابن عرفة : فإن قلت : لم عبر في الأول بالخلود ولم يقل هنا : الخالدين فيها؟ فالجواب بوجهين : إما لأنه من الجزاء فبين الثاني لدلالة الأول عليه ، ... (٢) إلا لبيان حال المتقين ، والثواب أعد لهم فناسب فيها الإطناب في حقهم ، والاكتفاء في الفريق الآخر بمطلق ذكره من غير إطناب.
قوله تعالى : (لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ).
ابن عرفة : فيه دليل على أن التنعم بالحلال [٢٨ / ١٤١] أفضل من التقشف.
__________________
(١) أخرجه البخاري في صحيحه حديث رقم : ٤٤٣١ ، ومسلم بن الحجاج في صحيحه حديث رقم : ٩ ، وابن حبان في صحيحه حديث رقم : ١٦١ ، وأبو نعيم الأصبهاني في المسند المستخرج على صحيح مسلم حديث رقم : ٥٣ ، وأبو داود السجستاني في سننه حديث رقم : ٤٠٧٨ ، والبيهقي في السنن الكبرى حديث رقم : ١٩٢٨٨ ، وأحمد بن حنبل في مسنده حديث رقم : ٣٥٩ ، وإسحاق بن راهويه في مسنده حديث رقم : ١٣٥ ، وأبو بكر البزار في البحر الزخار بمسند البزار حديث رقم : ٣٤٣٤ ، والنسائي في سننه حديث رقم : ٤٩٣٢ ، وأبو نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء حديث رقم : ١٣١٥٠ ، والبيهقي في دلائل النبوة حديث رقم : ٣٠٠٦.
(٢) طمس في المخطوطة.