يشربون القليل منه ، حتى قال النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم : " ما أسكر كثيره [٢٨ / ١٤١] فقليله حرام".
قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا).
قال ابن عطية ، عن ابن عباس : سبب هذه الآية لما نزل تحريم الخمر ، قال قوم من الصحابة : يا رسول الله ، كيف بمن مات منا وهو يشربها؟ فنزلت.
قال ابن عطية : فيها تقرير لهم عمن مات على القبلة الأولى التي كانت لبيت المقدس ، فنزلت (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ) [سورة البقرة : ١٤٣] ابن عرفة : بل هذا أقرب وأنفع فإنه راجع لدفع المؤلم وهو زوال الإثم عمن ارتكبه بشربه الخمر ، وحكم القبلة راجع لعدم الحرمان من الثواب على استقبال بيت المقدس ، لقوله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ) فيرجع إلى طيب الملائم.
قال ابن عرفة : وأخذوا من الآية مع هذا السبب مطلبين :
الأول : جواز ما لا يطاق ؛ لأن الصحابة توهموا عند نزول تحريم الخمر أنه كان شرعيا ما لم يرجع أنه لم يكن عالما تحريمها هو عين تكليف ما لا يطاق.
المطلب الثاني : وقوع تكليف ما لا يطاق ، بمفهوم قوله تعالى : (عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا) فدل على أن الكفار عليهم مع أنهم غير مكلفين بتحريمها مع أنه لا يطيقه ، قال : وأجابوا من الثاني بأن وقوع التكليف إنما هو فيما علم فيه التكليف ، وأما الكفار فلم يعلم تكليفهم قبل نزول هذه ، وبه قال : ونفي الجناح باعتبار ظاهر اللفظ لا يدل على إباحة ذلك بل يحتمل الكراهة باعتبار سياق الآية ووقع الخطاب بذلك والتكليف يدل على الإباحة.
قوله تعالى : (إِذا مَا اتَّقَوْا).
(إِذا) إما بمعنى إذا أو حكاية حال ماضية.
قال ابن عطية : وتتناول هذه الآية قدامة بن مظعون من الصحابة وهو ممن هاجر إلى أرض الحبشة ، إلى أن قال : قال الجارود : ..... (١) أقم على هذا كتاب الله.
قال ابن عرفة : إن قلت حد الخمر ليس في كتاب الله ، وإنما هو القياس على حد القذف وبالاجتهاد ، وحسبما حكى الأصوليون عن سيدنا علي أنه قال : إذا شرب هذى
__________________
(١) سقط في المخطوطة.