وإذا هذى افترى فارم عليه حد الفرية ، قال : فالجواب أن الأصوليين قالوا : الأدلة كلها راجعة إلى كتاب الله عزوجل ومقضيه عنه.
قوله تعالى : (لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ).
تنكير شيء إما باعتبار تخفيف أمره وتقليل حكمه ، وإما لكثرة أمجاده.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ).
ابن عرفة : قالوا : هذا يتناول النهي عن القتل حالة الإحرام ، وعن القتل في الحرم فهو من استعمال اللفظ المشترك في مفهوميه معا وجاز ذلك هنا ؛ لأنه جمع فهو أخف من المفرد وليس هو من القدر المشترك ، أو لا اشتراك بين الحلال القاتل في الحرم ، وبين المحرم القاتل في الحل.
قال ابن عرفة : وليس المراد قتل الصيد بل النهي عن اصطياده وإن لم يقتله.
قوله تعالى : (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً).
فيه ثلاثة أقوال مشهورها ، وجوب الجزاء على من قتله متعمدا أو خطأ ، وقال ابن عبد الحكم : إنما الجزاء على قاتله متعمدا ، وفي خارج المذهب قول آخر بأن الجزاء على المخطىء الناجي فقط.
قال ابن عرفة : والآية حجة لابن عبد الحكم ، ووجه المشهور أن هذا مفهوم خرج مخرج الغالب فهو غير معتبر ، أو يكون بمعنى ، قوله (مُتَعَمِّداً) قاصدا لقتله ناسيا كونه محرما وناسيا كونه في الحرم ، وتأول ابن عطية قوله تعالى : (عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ) في الجاهلية من قتلكم الصيد في الحرم ، ومن عاد الآن في الإسلام فإن كان مستحلا فينتقم الله منه في الآخرة ويحكم في ظاهر الحكم.
قال ابن عرفة : معناه منتهكا في الفعل ؛ لأن الاعتقاد إذ لو كان كذلك لكان كافرا.
قوله تعالى : (قِياماً لِلنَّاسِ).
أي قواما لأمر دينهم.
قوله تعالى : (اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ).
قال ابن عرفة : كان ابن عبد السّلام يقول في مثل هذا : أما إن ردت الشدة إلى العقاب الواقع بالفعل فبلوغ في الآية يحذف التقابل أي اعلموا أن الله شديد عقابه وغضبه ، وأنه غفور رحيم فلا يكون في الآية حذف بوجه.