قوله تعالى : (قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ).
وفيه دليل على أن عظم المظروف يستلزم عظم الظرف ، أبو حيان : هذه جملة شرطية فلا موضع لها كالاعتراض بالقسم.
وقيل : هي في موضع نصب على الحال ، أي قل : إني أخاف عاصيا ربي ، وأبطله ابن عرفة من جهة المعنى ، قال : والصواب أن يقول : قل إني أخاف مفروضا عصياني [٣٠ / ١٤٦] (رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ).
قال ابن عرفة : والآية دالة على صحة المقدمة الكبرى.
وقول الفخر في المعالم : تارك المأمور به عاص ، وكل عاص يستحق العذاب ، فأفاد ترتيب العذاب العظيم على مطلق العصيان ، وفيه رد على من يقول إن العصيان على تارك المندوب ، لقوله تعالى : (عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) ، وفيه دليل على أن عظم المظروف يستلزم عظم الظرف ، ولو لا ذلك لما وصف اليوم بقوله (عَظِيمٍ) ، وفي لفظ الرب إشارة إلى شدة خوفه ؛ لأنه إذا خاف من الله حالة استحضار رأفته ورحمته فأحرى أن يخاف منه حالة استحضار عزته وقهره.
قوله تعالى : (مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ).
أبو حيان : مفعول يصرف محذوف اختصارا تقديره : أي شيء يصرف الله العذاب عنه.
وجعل أبو علي المفعول المحذوف متميزا عائدا على العذاب ، قال : وليس حذف الضمير بالسهل.
قال ابن عرفة : لا صعوبة فيه ؛ لأنه إن رد الصعوبة بحذف المفعول فلا صعوبة فيه ، وإن ردها بحذف الضمير العائد على من فليس بمحذوف بل هو المجرور بعن ومن يصرف عنه العذاب عنه.
قوله تعالى : (فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ).
إن قلت : لم حصر كشف الضر في الله تعالى ولم يخص ...... (١) بالصرفية ، قال : والجواب بما تقرر في علم أصول الدين أن المقصود بالشيء قادر على الاتصاف بنقيضه ، فلما حصر كشف الصرفية دل على أن غيره لا يكشف الضر إذا لم يقدر على
__________________
(١) بياض في المخطوطة.