قال ابن عرفة : بل يقول : ينقطع ويكون من باب تأكيد الذم بما يشبه المدح كقوله :
هو الكلب إلا أن فيه ملالة |
|
وسوء مراعاة وما ذاك في الكلب |
قوله تعالى : (يا حَسْرَتَنا).
قلت : الحسرة اللائقة بهم فلذلك أضافوها إليهم.
قوله تعالى : (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ).
اللعب : الاشتغال بما لا يفيد بأمر عن أمر ملائم ، ولذلك أكثر ما يطلق اللعب على فعل الأطفال واللهو على الرجال.
قوله تعالى : (أَفَلا تَعْقِلُونَ).
المراد عقل النجاة والفوز لا عقل التكليف وفعل المجانين من غير قصد ، وفعل العقلاء عن قصد وكسب وأعذار ، كان الكسب الرأي وهو العلم بما في العمل من مصلحة أو مفسدة ، فالفعل إن كانت فيه مصلحة لا يشهد الشرع باعتبارها فهو لعب ولهو ، فمن يأكل ليتقوى على الطاعة فهو مندوب إليه وله فيها الثواب ، ومن يأكل لإقامة بدنه خاصة فهذا لمصلحة خاصة فهو سبب النهي ، ومن يأكل لمجرد الالتذاذ فهذا يشبه ، ووقع في القرآن اللعب مقدما على اللهو مرة ، ومؤخرا عنه أخرى فهو دليل على التسوية بينهما في المفسدة.
قوله تعالى : (فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ).
احتجوا لهذا القائل بأن الكذب إنما يطلق على من تعمد الإخبار بالشيء على خلاف ما هو به.
وأجاب ابن عرفة : بأن هذا تكذيب لا كذب ، والتكذيب قد يكون فيما قد طابق وفيما وافق.
قوله تعالى : (وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللهِ).
قال ابن عرفة : وجه مناسبتها لما قبلها عندي أن الإنسان إذا استحضر مقام التوحيد علم أن الأشياء كلها [٣٠ / ١٤٧] خلق الله تعالى وفعله واختراعه ، قيل لابن عرفة : قد يحتج بها من يمنع النسخ في القرآن ، فقال : النسخ بحقيقة ؛ لأن المنسوخ لم يزل ثابتا في الذهن فلم ينسخ من جميع الوجوه ، قيل له : فاليهود بدلوا وغيروا في التوراة ، يقال : بدلوا ألفاظها ، وأما معناها وهو الكلام القديم الأزلي فلم يقع فيه تبديل بوجه.