قوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى).
المراد الهداية بالفعل واعتزل الهدوي هنا ، فقال : لاضطرّهم إلى الهداية فاهتدوا.
قيل لابن عرفة : قال بعضهم : لو شاء الله لنصب لهم الدلائل المتوسطة ليظهر الحكمة في ذلك فيؤمن بعضهم ويكفر بعضهم فيقع الثواب والعقاب بسبب.
قوله تعالى : (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ).
وقال لنوح : (إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) [سورة هود : ٤٦] فأورد المفسرون سؤالا من ناحية أن النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ، والمراد أمته ، وإما أن نوحا خوطب بهذا السند وسببه ، وإما لأن القريب المحبوب ليشدد عليه النهي أكثر ممن ليس كذلك كراهة أن يقع المحظور ، قلت : ونحوه نقل القاضي عياض في مداركه عن بعضهم لمن عرف بالسهروردي المالكي فقيه بغداد ، وأنشدوا :
إذ لا نصيب الصديق قارعة التأ |
|
نيب إلا من الصديق الرغيب |
وأخبر ابن عطية بأن الأمر الذي نهى عنه نبينا صلّى الله عليه وعلى آله وسلم أكبر وأعظم من الذي نهى عنه نوح عليهالسلام ، فكان النهي في .... (١) يحاسب بتعلقه ، ابن عرفة : وعادتهم يجيبون بوجهين :
أحدهما أن نوحا خوطب بهذا حيث لم يكن هنالك كفار بوجه ؛ لأنه خوطب به بعد أن غرق الكفار ولم يبق سوى هو وقومه ، والنبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم خوطب بذلك في محل الكفار ......... (٢) بهم فشدد عليه في النهي لينزجر الكفار ويتعظوا.
الثاني : أن هذا ينتج العكس سواء ، فيعجل نهيه مقرونا بالتخويف ، لقوله (إِنِّي أَعِظُكَ) هو أكثر من نهي النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ، قلت : وكذا قال القاضي عياض في مداركه لما ذكر ما نقلنا عنه ، ثم قال : والصحيح أن الآيتين بمعنى وانظر كتاب الشفاء لعياض.
قوله تعالى : (إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتى).
قال ابن عرفة : هذا يحتمل وجهين :
__________________
(١) بياض في المخطوطة.
(٢) بياض في المخطوطة.