إما عطف تفسيري مثل : (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ) [سورة التوبة : ٦١] ، أو المراد به ما زاد على التوبة ، وهو إن يستديم على ذلك ويتزايد حاله في الصلاح شيئا فشيئا ، ليكون ذلك دليلا على صدق توبته.
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً).
إن قلت : لم أخر الرحمة وهي سبب في التوبة ، قلنا : لأن المقصود عموم رحمته بالتوبة وغيرها فمن لم يتب من الفاحشة وهو مؤمن فإنه عندنا في المشيئة ولا بد له من الجنة.
قوله تعالى : (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ).
ابن عرفة : منهم من شرط في الندم العزم أن لا يعود إلى الذنب ، ومنهم من لا يشترط ذلك ، وقوله تعالى : (عَلَى اللهِ) بمعنى إن إمكان القلوب غير القبول فنحن نقطع بإمكان قبول توبة التائب شرعا ويبقى قبولها بالفعل مستفاد من قوله تعالى : (فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ) فيكون تأسيسا ونظيره أن يقول : من دخل داري اليوم فأعطيه درهما ، وزيد عظيم فأعطه درهما.
قوله تعالى : (بِجَهالَةٍ).
قال ابن عطية : ليس المراد به جهلهم بأن ذلك معصية ؛ لأن المتعمد أيضا يصح توبته إجماعا ، ابن عرفة.
وقال الفخر : المعصية لا يصح صدورها من العالم ؛ لأن الداعي لقضايا اقتضى ترجيحا ، فإن كان المكلف حينئذ عالما بأنها معصية وإن تركها أرجح من فعلها ثم تعمد لقضايا فهو جهل التقدمية المرجوح على الراجح ، فلا بد أن يكون ذلك بداع اقتضى عنده ترجيح المرجوح ، وترجيح المرجوح جهل ، ابن عرفة : وفيه بحث بأنه يلزم عليه اجتماع النقيضين ؛ لأن علمه اقتضى أن الترك راجح ، والداعي اقتضى أن الفعل راجح فيجتمع [٢٣ / ١١٦] النقيضان ، قال : وهذا كلام موجب إشكالا في فهم كلام أهل السنة في قولهم : إن الأمر غير ملزوم للإرادة وإن الأمر قد يأمر بما لا يريد خلافا للمعتزلة ، فإن قلت : لم أفرد السوء وجمع السيئات ، قلت : لقوله تعالى : (ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ) فهم ينفون أن يذنبوا ذنبا واحدا يتوبوا منه بخلاف الآخرين ، فإنهم يتربصون حتى يكفر ذنوبهم ويتكرر ويعاينون مقامات الموت وحينئذ يتوبوا معه.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً).