فرقه ، ولا يثبت المدح إلا على أخص الوصف تخصيصا على الاتصاف ، قلت : وأورد ابن عرفة قبل هذا سؤالين :
أحدهما : هذا وأجاب عنه بأن الخبر نص على أن الفعل إنما يطلق على من تناوله الفعل طبعا وغريزة ، فمساواة الاسم بهذا الاعتبار في معناه لمعنى الخبيث.
السؤال الثاني : أتى في الثاني بأداة الحصر دون الأول ، وأجاب بأن الحصر راجع إما للمشبه أو المشبه به ؛ فإن الأرض الخبيثة قد تنبت الطيب قليلا ؛ فالمراد للمشبه مما لا تنبت إلا خبيثا بالكفر نوع واحد كله مذموم ، ولما كان المسلمون نوعين : منهم من أسلم أولا ولم يعاند ؛ كأبي بكر ، وعلي بن أبي طالب ـ رضي الله عنهما ـ والإسلام يجب ما قبله ، ومنهم بعد ما أذى النبي ـ صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وعاند وكفر ، فلم يؤت فيه بالحصر ليعم اللفظ هذين ؛ بخلاف الكفر فإنه نوع واحد كله مذموم ، والخبيث في النبات له حالات زمن خروجه ، وزمن تمامه ، وزمن يبسه ؛ فلو قيل : يخرج لكثر التوهم أنه إذا صار إلى حالة التمام يحسن حاله ؛ فأتى بالحصر تنبيها على أنه يخرج خروجا لا يعقبه حسن.
قوله تعالى : (فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ) ، وفي آية أخرى (فَقالَ يا قَوْمِ) محذوف الياء.
قوله تعالى : (يا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ).
قال ابن عرفة : ابتدأ بلفظة (يا قَوْمِ) على سبيل الترحم عليهم والتلطف في العبارة استجلابا لهم.
قال الزمخشري : فإن قلت : قال : (لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ) فأفرد ، ولم يقل : ليس بي ضلال ، كما قال تعالى (إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ).
قال : قلت : الضلالة أخص من الضلال ، كما لو قيل لك : تمر فتقول ما لي تمرة.
ورده ابن عرفة بأن نفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم إلا أن يكون تجوز في الأخص وأراد به التعليل القليل ، ويرد عليه المثال الذي ذكره.
قوله تعالى : (وَلكِنِّي رَسُولٌ).
قيل : إن ما بعد لكن هنا مخالف لما قبلها لأن ما قبلها منفي وما بعدها مثبت ، ومتعلق النفي غير متعلق الإثبات ، وقيل : موافق ؛ لأن نفي الضلالة يستلزم ثبوت