وأجاب ابن عرفة بأن ذلك إنما هو في أسماء الأعلام ، وهنا إنما المراد الصفات وهم سموا الأصنام آلهة معبودة كما فعل آباؤهم فيما ليس لهم فيه دليل بخلاف عوام المسلمين ؛ فإنهم مقلدون الأهل الذين إمامهم أبو المعالي ، والشيخ أبو الحسن الأشعري ، ولهما على التوحيد أدلة ظاهرة.
قوله تعالى : (تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً).
ولم يقل : من جبالها ؛ لأن الجبال ليست من الأرض.
قوله تعالى : (ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ).
أي : من دليل فيستفاد منها ذم التقليد ، وأجيب بأنهم في محل المجادلة والمخاصمة ؛ والمجادل لا بد له من دليل ، بخلاف المقلد فإنه لا يجادل.
قوله تعالى : (وَقَطَعْنا دابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا).
أي : آخرهم ؛ فدل على قطع أولهم من باب أحرى.
قوله تعالى : (وَما كانُوا مُؤْمِنِينَ).
قال الزمخشري : إن قلت : ما فائدة قوله تعالى : (كَذَّبُوا بِآياتِنا؟) فأجاب بأنه تعويض بمن آمن بهم ؛ أي ولم يكذبوا ، مثل : من آمن بهم.
وأجاب ابن عرفة بثلاثة أوجه : يتناول الآية من لم يحرم بالكذب ولكنه بقي شاكا فهو أيضا غير مؤمن ، وإن كان غير مكذب.
الثاني : أن التكذيب يتناول من كذب الرسل وهو مؤمن بالله موحد ، وهؤلاء كانوا مشركين بالله ، حسبما (قالُوا أَجِئْتَنا لِنَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ ما كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا) فأفاد قوله تعالى : (وَما كانُوا مُؤْمِنِينَ) أنهم كذبوا الرسل ولم يؤمنوا بالله.
الثالث : أن المراد ولم يكونوا قابلين إلى الإيمان فأخر عنهم العذاب حتى آمنوا به ؛ لأن قوله : وما كان زيد ليؤمن يدل على نفي قبوله ، فدلت الآية بمفهومها على أن من كذب وكان قابلا إلى الإيمان لم يقطع دابره.
قوله تعالى : (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ).
فجمع الديار مع الصيحة وأفردها مع الرجفة.
قال ابن عرفة : تقدمها الجواب بأن الصيحة إنما تنال قلوبهم فيحدث فيها تقطعا ، والرجفة تنال أبدانهم ، [.....] تزلزل الأرض وهي مسببة ؛ فما كانت تنال إلا قلوبهم