قوله تعالى : (أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ).
قال ابن عرفة : تكلم الطيبي هنا كلاما.
قال ابن عرفة : لم خصص الإتيان بهذين الزمنين دون غيرهما؟ ثم أجاب بأنه من باب قولهم : ضربته الظهر والبطن ، ومطرنا السهل والجبل ؛ فعبر بالبيات عن زمن سكونهم ، وبالضحى عن زمن اجتماعهم فيه ؛ لأن أول ظهورهم وبعده يتفرقون في أشغالهم ، قلت له : ولم قال : (وَهُمْ نائِمُونَ). فأخبر بالاسم ، وقال : (وَهُمْ يَلْعَبُونَ). فأخبر بالفعل ، فأجاب بأن الاسم يقتضي الثبوت ؛ والنائم ساكن ، والفعل يقتضي التجدد ؛ واللعب حركة تتجدد شيئا فشيئا.
قوله تعالى : (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ).
قال الزمخشري : هذا إشعار لأخذ العبد من حيث لا يشعر.
قال ابن عرفة : الأمر يقتضي أن عنده مضاف إلى الفاعل.
وقال ابن عطية : أمنوا عقوبة مكر الله فراجع للأول وموافق له.
ابن عرفة : ويحتمل عندي أن يكون غيره بأن الإنسان يتذكر حلول البأس والعقوبة في الدنيا ، وتارة ينعم عليه في الدنيا فيتذكر الإملاء هنا ، قال تعالى (إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً) [سورة آل عمران : ١٧٨] فقوله : (مَكْرَ اللهِ) إشارة إلى الإمهال ؛ فإن من أنعم على شخص وأمهله وأقره فقد مكر به ، فإن قلت : لم قال (فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ) ، ولم يقل : فلا يأمن بأسنا؟ فالجواب : أن المكر خسران وحلول البأس بهم غير متيقن ؛ منهم من أمنه ليس كمن أمن المكر والإمهال ، قلت : ولأن المكر راجع إلى العقوبة الآخرة وعذابها لا ينقطع والمكر في الدنيا فمن أمن المكر فهو الخاسر حقيقة.
قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ).
الزمخشري فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه معطوف على مدلول معنى (أَوَلَمْ يَهْدِ) أي : أتعقلون عن الهداية وتطبع على قلوبهم ، أو معطوف على (يَرِثُونَ).