ورده ابن عرفة لأنه لم يلزم عليه الفصل إبعاض الصلة بأجنبي ، وهو قوله تعالى : (لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ) قيل : له اعتراض فيصح كقولك : ذلك الذي .... (١) ملكا والحق يدفع بتعداد الباطل ، فقال : انظر هل فيها معنى التشديد أم لا؟.
قال الزمخشري : ولا يصح عطفه على (أَصَبْناهُمْ). على أن يكون نطبع ماضيا في المعنى الأول ، ونفيها إيجاب ، وإيجابها نفي فيلزم أن يكون الطبع غير واقع ، قال : وأجاب صاحب الانتصاف بأن الكفر قسمان : قسم حالي ، وكفر دائم ، والطبع عبارة عن الكفر الدائم الذي قدر لصاحبه بالممات عليه وهو لأمنهم من آمن ؛ فالمراد في حقه الكفر الحالي ، وأن الله لم يصبهم فيما سلف بذنوبهم ولا طبع ما آمن منهم أحد.
ورده الطيبي بأن سياق الآية أنهم أهلكوا بدليل توبيخهم وذمهم.
قال ابن عرفة : وهذا لا ينهض ، وإنما الجواب أن الآية سبقت للتوبيخ والوعيد والإنسان ما يخوف ويزجر إلا بما هو مكروه له إذ لا يحسن أن يقول للنصراني : إن لم تفعل كذلك نسقيك الخمر أو نطعمك الخنزير ؛ لأنه يقول هو مرادي ، ولا يقول له إذا ادعى عليه أنه يؤمن على ذلك ويفرح .... (٢).
وقال لي بعض الطلبة : وتقدم أن المقدم إن كان أخص من التالي لاستثناء نقيض التالي أنتج عين المقدم ، واستثناء عين المقدم ينتج عين التالي ، نحو : لو كان هذا إنسانا لكان حيوانا لكنه ليس بحيوان فليس بإنسان ، أو يقال : لكنه إنسان فهو حيوان وإن كانا متساويين أنتج أربع مطالب فاستثناء عين المقدم أو نقيضه ، نحو : كلما كانت الشمس طالعة فإن النهار موجودا.
قوله تعالى : (فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ).
الزواجر والمواعظ الواقعة على ألسنة الرسل إليهم.
قوله تعالى : (تِلْكَ الْقُرى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبائِها).
قال الزمخشري : يصح أن تكون (الْقُرى) خبرا ، و (نَقُصُّ عَلَيْكَ) حالا ، أو تكون (الْقُرى) نعتا ، و (نَقُصُ) خبرا ، أو تكون (الْقُرى) خبرا ، و (نَقُصُ) خبرا بعد خبر ، قلت : لا يصح الأول ؛ لأن الحال لا يأتي إلا بعد تمام الكلام وهو هنا لم تحصل الفائدة إلا بها ، فقال : خبر المبتدأ لا يتم إلا بصفته ، والحال من صفته على
__________________
(١) بياض في المخطوطة.
(٢) بياض في المخطوطة.