كان بعضهم يستشكله ؛ لأن كل نقيض العموم ، ومن نقيض التبعيض ، والجمع بينهما جمع بين الضدين وهو محال عقلا وشرعا ، ويجاب بأن العموم في الأجناس والتبعيض في الأنواع ، أو العموم في الأنواع والتبعيض في أشخاص الأنواع ومن يعرف التفريق بين الجنس والنوع لا يفهم هذا.
قوله تعالى : (مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ).
أخذوا منه أنه ينبغي للرسول أن يقدم الموعظة والتذكير على التكليف بالشرائع والأحكام.
قالوا : وفي الآية رد على ما قاله مالك رحمهالله في العتبية : من أنه يكره أن يكتب القرآن في الأجزاء ، وقال : نجمعه وأنتم تفرقونه ؛ فقد نزلت التوراة مفرقة في الألواح ، فإن قلت : هذا استدلال بقول الله فهو ممنوع عند الأصوليين ، قلنا : قد استدل به مالك في قياسه حد اللواطة على حد الزنا.
قوله تعالى : (فَخُذْها بِقُوَّةٍ).
أي : بعزيمة واجتهاد.
قوله تعالى : (وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها).
تقدم استشكالا قبل هذا ، وأنه يلزم عليه في الخبر ؛ لأن معناه : أن يأمرهم يأخذوا بأحسنها ، وقد أمرهم ولم يعطه جميعهم بل بعضهم.
وتقدم جواب ثان لابن عصفور في شرح الجمل الكبير في باب ما يتحرم من الجوابات ، في قوله تعالى : (قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ) [سورة إبراهيم : ٣١] أجاب عنه بأن لفظ العباد لا يتناول إلا الصالحين الممتثلين للأمر.
ورده ابن الصائغ بأن هذا خاص بتلك الآية [٣٥ / ١٧١] فقط فلا يتم له في غيرها ، قال : وإنما الجواب بأن في الآية حذفا ، أي : قل لهم يقيموا الصلاة أو يعاقبوا ، وكذلك هنا التقدير وأمر قومك يأخذوا بأحسنها أو يعاقبوا.
قلت : وأجاب بعضهم بأنه في معنى الآية ، فقوله (وَأْمُرْ قَوْمَكَ) بمعنى قل لقومك ، وقوله (يَأْخُذُوا) بمعنى خذوا ؛ أي : قل لقومك يأخذوا بأحسنها.
قال ابن عرفة : وقوله (يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها).
تقدم استشكال مثله في قوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا) [سورة الأحقاف : ١٦] إنه يلزم بالمفهوم ألا يتقبل عنهم فما هو دونه في الحسن ؛