فإن كان حسنا وتقدم الجواب عنه بأن المباح يصدق عليهما أنه حسن فيكون الأحسن هو المندوب وما فوقه فهو المتقبل ، وكذلك إنما كلفوا بالمندوب لا بالمباح.
قوله تعالى : (سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ).
يحتمل أن يريد يوم القيامة.
قوله تعالى : (سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ).
أي : سأخلق في قلوبهم شيئا يمنعهم من الإيمان بها ، متخذا مذهب أهل السنة ومذهب المعتزلة ؛ سأمنعهم الألطاف والأسباب المحصلة للإيمان بها.
قال : وهو على سبيل التحذير لهم والتخويف ، قال : والتحذير بذكر ما يتوقع منها أبلغ وأقرب لمكان التحصين ، كما نقول : لا تمش هذه الطريق فإنها مخوفة ، وتقول لآخر : لا تمش من هذه الطريق فإن مشيت منها تجد فيها طريقين ؛ أحدهما وهي اليسرى مخلوقة فهذا أقرب للتخويف من الأول ، وكذلك هذا لما أمر ؛ وقيل له : (وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها) أتى عندنا على سبيل التحذير لقومه من سبيل هؤلاء ؛ لأنه لما قيل له : وأمر قومك تعلق قلبه بإيمان جميعهم ، فقيل له : فيهم من لا يؤمن بك فلا تتهالك عليهم وكن على بصيرة من ذلك.
قوله تعالى : (عَنْ آياتِيَ).
قال ابن عطية : أي : عن الإيمان بالوحي وما في الكتب المنزلة.
قوله تعالى : (الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ).
قال ابن عرفة : التكبر في الأرض قسمان :
تكبر بالحق ، وقد يكون واجبا أو مباحا كمن يكون إذلالك له لم يوجب أن يحملك على ارتكاب معصية من شرب الخمر أو الزنا وتكبر بغير الحق.
وقال الزمخشري : سأصرف عن الطعن في آياتي.
فقال الطيبي : إنما قال عن الطعن ؛ لأن مذهبه أن الله لا يخلق الشر ؛ ولذلك تأول بالطعن.
وأورد عليه ابن المنير أن الطعن في الآيات محال عقلا لا يقع بوجه ، والصرف يقتضي إمكان وقوعه فعلا وهو غير ممكن بوجه.