من أولا ومعناها ثانيا ، وعند البيانيين : أن المهتدي أقل من الضال فناسب منه الإفراد ، وأتى في الأول بالضمير الدال على القرب ، وفي الثاني باسم الإشارة الدال على البعد.
قوله تعالى : (لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها).
يؤخذ منه أن البصر أشرف من القلب فهو ترق ، أو يقال : أن هذه الحواس كلها خدمة القلب ؛ فالقلب أشرفها.
قوله تعالى : (بَلْ هُمْ أَضَلُّ).
قال ابن عطية : فيها الشهوة ولا عقل لها ، فليس لها منع يمنعها عن شهوتها والإنس والجن فيهم الشهوة ، والعقل المانع من اتباعها ، فالعصاة منهم أضل إذ لم يمنعهم عقلهم من شهوتهم.
قيل لابن عرفة : كان القاضي ابن حيدرة يأخذ من هذه الآية أن بني آدم أفضل من الملائكة ؛ لهم العقل ولا شهوة فيهم ؛ فليس لهم داع يدعوهم إلى المعصية ، وبنو آدم فيهم الشهوة التي تحضهم على المعصية ، فإذا أطاعوا الله وتركوا شهواتهم كانوا أفضل من الملائكة.
قوله تعالى : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها).
المراد إما المسميات أو التسميات على الخلاف في ذلك ، والفاء في قوله (فَادْعُوهُ بِها). إما للتعدية ؛ والمراد فتوسلوا إليه بها ، وقال : وحديث الترمذي تعيين الأسماء الحسنى حسن لكن تلقته الأمة بالقبول فكان كالتصحيح له ، وليس في التصحيح تعيينها ، وإنما قال في الصحيح : " إن لله تسعة وتسعين اسما (١) " من غير تعيين ، لكن تذكر المتكلمين أن من أسمائه واجب الوجود ، ولم يرد ذلك في الحديث وجوزوا إطلاقه.
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ).
__________________
(١) أخرجه البخاري في صحيحه حديث رقم : ٦٨٧٠ ، ومسلم بن الحجاج في صحيحه حديث رقم : ٤٨٤٠ ، وابن حبان في صحيحه حديث رقم : ٨١٤ ، والحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين حديث رقم : ٤٢ ، والترمذي في جامعه حديث رقم : ٣٤٥٥ ، وابن ماجه في سننه حديث رقم : ٣٨٥٩ ، والبيهقي في السنن الكبرى حديث رقم : ١٨٣٠٧ ، وأحمد بن حنبل في مسنده حديث رقم : ٧٣٢٠ ، والحميدي في مسنده حديث رقم : ١٠٨٠ ، وأبو نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء حديث رقم : ٨٨١٢.