قوله تعالى : (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ).
إن أريد أنهم لا يعلمون وثبتها ؛ فالأكثر بمعنى الكل ، وإن أريد لا يعلمون خفيات ولا يعلمون دقائق المعلومات ؛ فالأكثر على بابه لأن الخواص من الأنبياء والعلماء يعلمون ذلك.
قوله تعالى : (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللهُ).
قال ابن عرفة : هذا أبلغ من لو قيل : لا أملك نفعا ولا ضرا بالإطلاق ؛ لو كان كذلك لأمكن تخصيصهم بالغير ، فيقال : إنه يملك النفع والضر لنفسه ولا يملك لغيره ، فلما قال : (لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي) دل باللزوم على أنه لا يملك ذلك لغيره من باب أحرا ، والمراد بالضر هنا دفعه لا جلبه ؛ لأن لا أملك جلب نفع ولا دفع ضرر ، والمنفي هنا الملك الفعلي.
قيل لابن عرفة : فالقابلية ، قال : القابلية العرضية منفية والذاتية ثابتة.
قوله تعالى : (إِلَّا ما شاءَ اللهُ).
إن أريد الملك الأعم من الاستقلالي والكسبي فالاستثناء متصل ، وإن أريد الملك الاستقلالي فقط فالاستثناء منفصل ؛ لأن الذي يملك عندنا هو الكسبي ولا يملك إلا بقدرة الله تعالى وخلق الداعي عليه له.
قوله تعالى : (لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ).
فسر بوجهين ؛ أحدهما : لتحررك في قتالهم واستكثرت من الخير فكنت غالبا وما مسني السوء ، ولم أكن مغلوبا قط.
الثاني : لاستكثرت بالتجر في المال والربح فكنت رابحا وما مسني السوء ؛ أي وما كنت خاسرا في تجارتي قط.
ووجد مناسبتها لما قبلها أنهم لما سألوا عن الساعة ، قال : هذا أمر مغيب ، ولا طريق لي إلى العلم بالمغيبات ؛ لأني لو كنت أعلم عواقب الأمور لجزت منها في أحوالي كلها.
قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ).
الخطاب لقريش ، وقيل : المراد بالنفس آدم أو قصي بن كلاب وعني في الأول بخلق ، وفي الثاني بجمل لأن الخلق في اللغة هو التقدير.
قال الشاعر :