ولا يلزم من ثبوته للإنسان ثبوته للحيوان ، وكذلك هذا إذا ثبت أن مطلق الدعاء لمطلق الصمت ، وهو الأعم في عدم الإجابة من باب أحرى.
قيل لابن عرفة : ينتفي أخص الدعاء ، فقال : ما ثبت عنهم أنهم كانوا يدعونهم ، عرفة إلا بمطلق الدعاء لا بأخصه.
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا).
هذه دليل لسيبويه في مسألة كنت أظن العقرب أشد لسعة من الزنبور فإذا هو هي.
قوله تعالى : (إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي).
يؤخذ منها أنه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لا يحكم بالاجتهاد ، وأن أحكامه كلها مستندة للوحي.
قوله تعالى : (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا).
حكى الفخر في الأصول الخلاف في القرآن هل هو اسم جنس يصدق على القليل والكثير ، أو اسم كل ، وتظهر ثمرة الخلاف في قوله تعالى : (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) قال : وهذه الآية دليل على أنه اسم جنس ؛ لاتفاقهم على أن من سمع أنه من القرآن يؤمر بالإنصات يتناول القارئ بعينه ؛ لأنا نجد بعض الصناع يعمل صنعة وهو يقرأ ويأمر وينهى في قراءاته ، قال : كان ذلك خفيفا فهو مفتقر وإلا لم يجز ، قال : والإنصات متقدم على الاستماع وسبب فيه فهلا قدم عليه في الآية.
قال : وعادتهم يجيبون لأن الاعتناء بطلب فعل ما لم يكن فعل أقوى من الاعتناء لطلب المداومة على فعل ما كان واقفا ؛ لأن هذا أخف على النفوس من الأول ، ومجرد الإنصات شأن الإنسان ، والاستماع هو استحضار الذهن لسماع القرآن فلم يكن هذا مفعولا ، قيل بوجه ، قيل لابن عرفة : هذا إن سلمنا أن الإنصات والصمت بمعنى واحد ، ولنا أن نقول : الإنصات هو القصد إلى الصمت لا مجرد الصمت ، فقال : لا بل هما بمعنى واحد.
قوله تعالى : (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).
لفظ الآية يدل على أن الإنصات والاستماع مطلوبان طلبا لا ينتهي إلى الوجوب ، ومفهومهما يدل على أنهما واجبان ، وإذا لم ينصتوا لم يرحموا ، وترتيب الثواب على